لم تكن الخطوة التي أقدمت عليها حركة "حماس"، والمتمثلة في الإعلان عن تأسيس "طلائع طوفان الأقصى"، هي الأولى من نوعها لها في لبنان. لكنها كانت الأوضح. وهذا ما يفسر ردود الفعل السياسية اللبنانية الرافضة لها والتي أجبرت قادة الحركة في لبنان على التراجع عنها بطريقة مواربة، من خلال الظهور الإعلامي المكثف للتوضيح بأن هذا التشكيل مدني وليس عسكريا.
تدرجت "حماس" في نشاطها الأمني والعسكري في لبنان، من قيام "كتائب عز الدين القسام" بقصف المستعمرات الإسرائيلية الشمالية من الجانب اللبناني. مرورا بمقتل شاب لبناني من أصول فلسطينية، ينتمي إلى "حماس" التي نعته ببيان رسمي، بنيران إسرائيلية حينما كان برفقة إعلاميين إيرانيين. ثم إشراك الجماعة الإسلامية في المناوشات الحدودية بشكل مفاجئ. وصولا إلى مقتل أربعة شبان منتمين إلى التيار السلفي (لبنانيان وتركيان) حين كانوا بصحبة قيادي في "القسام" مقيم في لبنان، بعدما استهدفته مسيرة إسرائيلية.
يأتي ذلك إلى جانب اتخاذ "حماس" للعاصمة بيروت مركزا للنشاط الإعلامي والتعبوي، انطلاقا من كونها "عاصمة محور الممانعة"، حسب توصيف وسائل الإعلام المقربة من "حزب الله". واللافت أن الأخير التزم الصمت، ما يؤكد دعمه وتغطيته لتحركات "حماس" على الأراضي اللبنانية، وتخليه عن المحظورات التي كانت تقيد عمل الفصائل الفلسطينية، بسبب الحساسيات الداخلية اللبنانية.
واللافت أكثر هو أن مقتل الشبان السلفيين الأربعة أحيط بتعتيم كبير من كل الأطراف المعنية بالقضية: "حزب الله" المسيطر على الحدود اللبنانية الجنوبية، والسلطات اللبنانية، والدولة التركية، وتيارات الإسلام السياسي في لبنان. وانسحب الأمر على وسائل الإعلام اللبنانية التي بالكاد أورد بعضها الخبر وبشكل مقتضب للغاية.
يدفع الأمر إلى التساؤل عن سر هذا التعتيم، كما حول التيار السلفي وحركات الإسلام السياسي، هل تخطت خصومتها الآيديولوجية مع "حزب الله" ودخلت المعارك إلى جانبه؟ وما دور حركة "حماس" في ذلك؟
الإسلام السياسي اللبناني
بداية لا بد من التوضيح بأن حركات الإسلام السياسي في لبنان محدودة الحضور والتأثير. ذلك أن السنة يميلون تقليديا إلى الاعتدال في بلد ذي توازنات طائفية ومذهبية شديدة الحساسية والتعقيد. وهذا ما يمكن ملاحظته من خلال وجود ثلاثة نواب فقط من أصل 27 نائبا سنيا يمثلون تيارات الإسلام السياسي.