-
هل ترى أن التركيبة المتنوعة من المواطنين سواء المصريين أو الأوروبيين ساهمت في التنوع في تقديم الفنون في المسارح أو الملاهي الليلية؟
كان هناك تنوع كبير في الثقافات المختلفة في صناعة الترفيه في مصر. ما أردت إظهاره في الكتاب هو أن هذا العالم الكوزموبوليتاني لم يكن أوروبيا فحسب، مثلما يعتقد الناس غالبا، كانت الثقافة المصرية الناطقة بالعربية متنوعة للغاية وعالمية.
-
لماذا ربطت بين هدى شعراوي وأوضاع الفنانات في تلك الفترة؟
تمثل هدى شعراوي أحد جوانب النسوية المصرية، وهو جانب مهم للغاية. لكن حياتها وحياة المطربين في ملهى المسرح كانت مختلفة تماما، لم يمكنهن أبدا فهم بعضهن بعضا والتلاقي في نقطة واحدة.أردت في الكتاب أن أبين أن الملاهي والمسارح في القاهرة أنتجت نوعا مختلفا من النسوية عن هدى شعراوي ولكنه كان لا يزال شكلا شرعيا من النسوية.
مزيج مثالي
-
ما الظروف والعوامل التاريخية والاجتماعية والسياسية التي جعلت تلك الفترة في القاهرة مزدهرة بالفنون؟
في عشرينات القرن الماضي في القاهرة، أدّى مزيج مثالي من العوامل إلى خلق مشهد فني نابض بالحياة. من الناحية الاقتصادية، كانت المدينة قوية للغاية وكان الناس يأتون لزيارتها من جميع أنحاء العالم، كان لديهم أيضا أموال فائضة لإنفاقها في النوادي الليلية والمسارح والملاهي الليلية.
أما سياسيا، فكان هناك شعور بالتفاؤل يعم الأجواء، ومن الناحية الاجتماعية، كانت النساء ينتقلن أكثر فأكثر إلى المجال العام، وعلى الرغم من أن الظهور على خشبة المسرح وقتها لم يكن مقبولا اجتماعيا تماما للمرأة، إلا أنه أصبح ممكنا أكثر. قبل 30 أو 40 عاما، لاقت الفرق المسرحية صعوبة في التعاقد مع ممثلات يشاركن في مسرحياتهم. أما في العشرينات، فأصبحن في كل مكان، اجتمع كل هذا لخلق مشهد نابض بالحياة.
-
قلت إنك تجولت في القاهرة بمنطقة وسط البلد... ما التغيرات التي لاحظتها عن فترة العشرينات في خصوص الملاهي الليلية والمسارح ودور السينما؟
الغريب أن الأمور تغيرت كثيرا وبقيت على حالها أيضا. اختفت النوادي الليلية العظيمة التي تخص النساء أمثال بديعة مصابني. لم يبق من المسارح القديمة التي كانت تملأ شارع عماد الدين سوى مسارح قليلة، فبوابة أحد مسارح دار الأوبرا القديمة حولت الآن الى باب مكتب بريد، وكازينو نعيمة المصرية تحول الى متجر بيع قطع غيار السيارات، ومبنى المسرح المصري القديم أصبح مخزن بضائع، لكن شعرت أن خلف الأبواب المغلقة، لا يزال هناك العديد من الحانات الصغيرة أو الملاهي حيث يعيش شيء من روح العشرينات.
منيرة المهدية وأم كلثوم
-
لاحظت شغفك بالمطربة منيرة المهدية وعالمها. لماذا؟ وكيف تراها مقارنةً بالمطربة أم كلثوم؟
أعتقد أن منيرة المهدية وأم كلثوم تمثلان طريقتين متعارضتين تماما في التعامل مع الصحافة ومع المشاهير. ظلت أم كلثوم متحفظة، ونادرا ما أجرت المقابلات الصحافية أو التلفزيونية ووضعت حاجزا بين الإعلام وحياتها الشخصية. كانت منيرة مختلفة ومتوهجة، لقد بالغت في حياتها، من حيث لعب القمار، والسهر الى وقت متأخر، والشرب مع السياسيين. وعلى الرغم من ذلك، لا أصدّق كل القصص عن تنافسهما، فهما المرأتان الأكثر تمثيلا للصعوبات والفرص التي حققتها المشاهير الإناث في عشرينات القرن الماضي.