دخلت الهجمات على السفن الإسرائيلية والأميركية في البحر الأحمر إلى المشهد الدامي للهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة، لترتفع معها جدية المخاوف حيال تمدد الصراع المسلح إقليميا وتهديد أمن الممرات البحرية. وقد أشار المتمردون الحوثيون في أكثر من بيان أنهم سيواصلون استهداف السفن والمصالح الإسرائيلية حتى "يتوقف العدوان الإسرائيلي على غزة"، كما حذروا من أن "أي وحدات عسكرية توفر الحماية للسفن الإسرائيلية ستعتبر أهدافا مشروعة".
لقد أدت الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة إلى تقويض الاستقرار في البحر الأحمر، وبهذا يتقدم التهديد الذي تمثله هذه الهجمات على الممر البحري الأهم في العالم- الذي يمر عبره نحو 23 ألف سفينة كل عام نحو قناة السويس- سائر الجبهات المفتوحة التي تديرها طهران بواسطة وكلائها في كل من لبنان والعراق وسوريا.
أولا: في الأهمية المتزايدة للبحر الأحمر
لقد أدى الدور المتنامي للبحر الأحمر كحلقة وصل مهمة في "مبادرة الحزام والطريق" الصينية إلى وضعه في قلب المنافسة الجيوسياسية خلال العقد الماضي. وعلى هذا النحو توسع الاستثمار في البنى التحتية من جيبوتي إلى البحر المتوسط إلى جانب التطور في الوجود العسكري الغربي والصيني إلى جانب عدد من الدول الناشطة الأخرى.
لقد أنشأت مصر قاعدة برنيس البحرية عام 2021، وإلى الجنوب منها تطورت الموانئ في السودان، لا سيما مع إعادة الصين تأهيل وتوسيع محطة حاويات بورتسودان التي أصبحت الآن جزءا من مبادرة الحزام والطريق. هذا وتنشط أيضا في المدينة دولة الإمارات العربية المتحدة، التي تسعى للحصول على دور في الجزء الأوسط من البحر الأحمر من خلال المشاركة في الخدمات اللوجستية في بورتسودان. وفي مقابل السيطرة الإماراتية على الجزر اليمنية في باب المندب جنوبا، وحيازتها 49 في المئة من مشروع البنية التحتية لخليج السويس وقناة السويس شمالا بما يعزز موقعها على امتداد البحر الأحمر، وقع السودان اتفاقا مدته 99 عاما مع تركيا عام 2018 لإعادة تأهيل ميناء سواكن على البحر الأحمر وبناء حوض بحري لدعم السفن المدنية والعسكرية، مما يمنح أنقرة موطئ قدم إقليمي.