يعدّ برنامج "L'heure des pros" منصة للهجوم الدائم على المهاجرين والعرب والمسلمين، بقصد شيطنتهم وتشويه صورتهم، وتحميلهم وزر كل الموبقات التي يعاني منها المجتمع الفرنسي، والأوروبي بصورة عامة. يلجأ برو في برنامجه الى قضايا هامشية، لكنها ذات تأثير اجتماعي وثقافي، فيحاول استثمارها بهدف إذكاء الغضب الاجتماعي ضد المهاجرين.
في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، وبالتزامن مع انتشار حشرة البق في الأماكن العامة بفرنسا، مثل محطات المترو والقطار ودور السينما وغيرها، اتهم باسكال برو في برنامجه المهاجرين بالتسبب في انتشار هذه الحشرة، مُرجعا سبب اتهامه لهم إلى "قلة نظافتهم الشخصية مقارنة بالمقيمين".
كلام برو الذي ينضح بالعنصرية أثار جدالا واسعا داخل فرنسا وعلى ميادين شبكات التواصل. حتى إنه استفز بعض الأحزاب السياسية الفرنسية، ودفع عددا من النواب الى تقديم شكوى في حقه واصفين كلامه بـ"العنصري"، وكان من بينهم حزب "النهضة" الذي يتزعمه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
كما انتشر على منصات التواصل فيديو لباسكال، عقب انتهائه من حلقة برنامجه يوم 7 نوفمبر/تشرين الثاني، الذي تقوم فكرته على طاولة نقاش تضم إعلاميين مساعدين وضيوفا شبه دائمين، يترواح عددهم بين الأربعة والستة أشخاص، ظهر فيه غاضبا، ويوجه نقدا لاذعا الى أحد زملائه في الحلقة، طالبا منه التوقف عن الدفاع عن الفلسطينيين. ذلك أنهم حسب زعمه "يريدون قتل إسرائيل".
ضمن البرنامج نفسه، خرج الفنان الفرنسي الشهير إنريكو ماسياس وطالب بتصفية أعضاء "حركة فرنسا الأبية"، وهو حزب فرنسي يساري، بسبب مواقفهم من حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة. قال ماسياس بشكل صريح "علينا أن نصفي هؤلاء الأشخاص".
بالطبع تسبّب كل ما سبق بردود فعل غاضبة كثيرة، من المقالات الى التصريحات، الى التغريدات والتدوينات عبر شبكات التواصل الاجتماعي. إلا أن كل ذلك برع الفنان ملك بن طلحة في تقديمه ببساطة وانسيابية، وبأسلوب نقدي لاذع في فيديو مدته 16 دقيقة.
الأدب الساخر
يقول الأديب الفلسطيني غسان كنفاني: "السخرية ليست تنكيتا ساذجا على مظاهر الأشياء، ولكنها تشبه نوعا خاصا من التحليل العميق".
يذخر التراث الأدبي الساخر بالعديد من الأعمال الخالدة التي لا تزال حاضرة حتى يومنا هذا. فمن منا لا يعرف كتاب "البخلاء" للجاحظ، الذي تستخدم طرائفه وقصصه على نطاق واسع، ويعدّ من أشهر الكتب في التراث العربي. ومن أبرز رواد الأدب الساخر العرب، السوري محمد الماغوط، والمصري محمود السعدني الملقب بـ"الولد الشقي"، والمصري عمر طاهر.
يضاف إليهم الأديب التركي عزيز نيسين الذي يعتبر ظاهرة في حد ذاتها، بإنتاجه الغزير الذي سخر فيه من تناقضات المجتمع، وفضح الوصوليين والمتسلقين نحو السلطة. لذلك جرت ترجمة الكثير من أعماله الى العديد من اللغات بينها العربية. وجرى تحويل إحدى رواياته "زوبك" أو "Zübük" بالتركية، الى عمل درامي سوري، "الدغري"، الذي لعب بطولته الفنان دريد لحام، وحقق نجاحا كبيرا. أما في الشعر، فالتراث الأدبي العربي يحفل بالكثير من القصائد الساخرة في مختلف العصور.