شغل الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح الذي توفي عن 86 عاما، منصب أمير الكويت لنحو ثلاث سنوات، لكنّه كان منخرطا على مدى عقود، في إدارة شؤون الدولة الخليجية التي تحكمها أسرة الصباح.
وأعلنت الكويت الحداد الرسمي 40 يوما وإغلاق الدوائر الرسمية لمدة ثلاثة أيام.
وقد حلّ محلّه أخوه غير الشقيق، ولي العهد الحالي الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح الذي يبلغ 83 عاما. وأعلن التلفزيون الرسمي الكويتي، بأن "مجلس الوزراء ينادي بولي العهد حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح أميرا لدولة الكويت".
سُمّي الشيخ نواف وليا للعهد عام 2006 قبل أن يخلف في 2020 أخاه غير الشقيق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح
لعل أبرز أدوار الشيخ نواف، الذي توفي اليوم 16 ديسمبر/كانون الأول، هو توليه وزارة الدفاع عندما غزت القوات العراقية بقيادة صدام حسين بلاده عام 1990، قبل أن يتولى وزارة الداخلية ومنصب نائب رئيس الوزراء لمكافحة الإرهاب عندما واجهت قوات الأمن الكويتية، مسلحين في يناير/كانون الثاني 2005.
وقالت "وكالة الصحافة الفرنسية" من الكويت، إن "أسلوبه الهادئ المتكتم أتاح له مواصلة دوره عندما هزّت الدولة الواقعة بالقرب من إيران والعراق أزمات سياسية متكرّرة تتعلّق بالحكومة وبشخصيات من الأسرة الحاكمة والبرلمان الذي تمّ حلّه مرّات عدّة".
وقد سُمّي الشيخ نواف- الذي كان يحظى بتأييد الأسرة بفضل صورته كسياسي متواضع يعمل بعيدا عن الأضواء- وليا للعهد عام 2006 قبل أن يخلف في 2020 أخاه غير الشقيق الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي توفي في سبتمبر/أيلول من ذلك العام عن 91 عاما. وكان عليه أن يقود اقتصاد بلاده خلال أزمة اقتصادية ناجمة عن انخفاض أسعار النفط أدت إلى خفض الوكالات الدولية التصنيف الائتماني للكويت عام 2020.
"أمير العفو"
ولم يكن عهد الشيخ نواف الأقصر الذي شهدته الكويت التي حكم بعض أمرائها تسعة أيام أو أربعة عشر شهرا، وفق ما أفاد بدر السيف أستاذ التاريخ المساعد في جامعة الكويت. وقال لـ "وكالة الصحافة الفرنسية" إنه "أصدر العديد من قرارات العفو التي جعلته يلقب بأمير العفو".
ففي الشهر الماضي، وافق مجلس الوزراء الكويتي على مرسوم أميري يعفو عن السجناء السياسيين المدانين خلال العقد الماضي. كما صدرت مراسيم عفو مماثلة في عام 2021.
وقال السيف إن الشيخ نواف "سيبقى في الذاكرة أيضا لخصاله الفريدة فقد كان هادئًا وورعًا ومتواضعًا وقليل الظهور".
تولى الأمير الراحل وزارة الدفاع خلال أشهر الغزو العراقي السبعة للكويت والتي انتهت بتدخل الولايات المتحدة على رأس تحالف عسكري عام 1991
ولد الشيخ نواف عام 1937، وهو خامس أبناء الشيخ أحمد الجابر الصباح، الحاكم الراحل الذي قاد الكويت منذ 1921 وحتى وفاته عام 1950.
وتابع دراسته الثانوية في الكويت، ولم يكمل دراساته العليا. ويعود تمرسه بالسياسة إلى نحو نصف قرن حين عُيّن حاكما لمحافظة حولي وهو في سن الخامسة والعشرين. وبقي في منصبه ذاك حتى 1978 عندما تولى وزارة الداخلية لنحو عشر سنوات.
وفي 1988، تولى وزارة الدفاع، وقادها خلال أشهر الغزو العراقي السبعة والتي انتهت بتدخل الولايات المتحدة على رأس تحالف عسكري في حرب الخليج الأولى عام 1991. وعيّن بعد تحرير الكويت في منصب وزير الشؤون الاجتماعية والعمل، قبل أن يتولى منصب نائب رئيس الحرس الوطني عام 1994.
عاد الشيخ نواف للحكومة وزيرا للداخلية سنة 2003، وسمي في العام ذاته نائبا لرئيس الوزراء، إلى أن أصبح وليا للعهد بعد ثلاث سنوات.
وقاد الأجهزة الأمنية خلال توليه وزارة الداخلية بين 2003 و2006، في عملية ملاحقة المتطرفين ما تسبّب في اندلاع مواجهات دامية مع الشرطة في يناير/كانون الثاني 2005، قتل فيها شرطيان وثمانية مسلحين متطرفين ومدنيان.
لم يُحدث الأمير الراحل تغييرات جذرية في سياسة بلاده الخارجية
تسلم الشيخ نواف مقاليد الحكم في حين كان العالم يواجه أزمة جائحة "كوفيد-19" التي أدت إلى انخفاض حاد في أسعار النفط، ما انعكس سلبا على الاقتصاد الكويتي الذي يعتمد إلى حدّ كبير على تصدير النفط.
وفي كلمة ألقاها بعد تأديته اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة الكويتي، أقرّ بأن بلاده تواجه "تحديات خطيرة".
ولم يُحدث الأمير تغييرات جذرية في سياسة بلاده الخارجية. فقد أبقت الكويت على موقفها المتشدد حيال إسرائيل حتى بعد تطبيع الإمارات والبحرين العلاقات مع الدولة العبرية عام 2020.
كما حافظت الكويت على علاقات وثيقة مع كلّ من السعودية وإيران اللتين وقعتا في مارس/آذار 2023 اتفاقا برعاية صينية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية.
وستتجه الأنظار إلى المستقبل بعد تكرار استقالة حكومات الكويت وحل برلمانها. فالحكومة الكويتية الحالية هي الخامسة خلال عام واحد. كما شهدت فترة ولاية الشيخ نواف أيضا إجراء البلاد ثلاث انتخابات برلمانية.
وأدى الجمود السياسي إلى تأخير الإصلاحات الضرورية وعرقلة مشاريع التنمية وتطوير البنية التحتية وقطاع التعليم عدا عن ثني المستثمرين عن توظيف أموالهم في البلاد، بحسب "وكالة الصحافة الفرنسية" من الكويت.