مؤتمر الرياض للفلسفة

مؤتمر الرياض للفلسفة

يجسّد "مؤتمر الرياض للفلسفة" في المملكة العربية السعودية قيم التفرّد والتقدّم، إذ أُسّس بروح استثنائية لتعزيز التواصل والحوار حول معاني الفلسفة الحديثة والقضايا الأخلاقية في عصرنا الذي يمضي بخطى متسارعة.

وقد تألقت الدورة الثالثة من المؤتمر التي عقدت قبل أيام بتنوع جمع بين الأكاديميين والباحثين والشباب، في رعاية وزارة الثقافة ممثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة.

أتحف المؤتمر حضوره وضيوفه بتجارب متعددة، حيث نسجت المعارض الفنية والجلسات الحوارية خيوطا تفاعلية مهمة، فضلا عن الفعاليات وورش العمل المخصصة للأطفال والشباب، بهدف تفعيل التواصل الثقافي المتقدم ونقل المعرفة بطريقة ملهمة، وسلسة للأجيال.

وسعى المؤتمر إلى إثراء الحوار حول مسائل أخلاقية عابرة للثقافات، والعدالة في عالم متعدد الثقافات، وفلسفة الدين والأخلاق، ليرسخ مكانة المملكة كمحور للتفكير والحوار الثقافي العالمي. وأضفت معارض الفن والأنشطة الثقافية المتنوعة التي صاحبت المؤتمر، روحا إبداعية وفنية على الساحة الثقافية في المملكة. في هذا السياق، يعزز المؤتمر التفاعل بين الفلسفة والفنون، ويشجع على تقديم الأفكار الفلسفية بطرق إبداعية تلامس القلوب وتفتح آفاق التفكير.

لهذه الأسباب، يمكننا اعتبار مؤتمر الرياض الدولي للفلسفة 2023 تجسيدا لالتزام المملكة الحفاظ على هويتها الثقافية في سياق التواصل العالمي، فقد ساهم المؤتمر في تعزيز الفهم بين الثقافات المختلفة، مع الحفاظ على جوهر المجتمع السعودي وقيمه في ساحة التواصل الثقافي المتقدّم.

أثبتت هذه التظاهرة الفلسفية أن الفلسفة ليست مجرد عبارات ونصوص، بل هي عنوان لتفكير متقدم وحوار مجتمعي ودولي بنّاء

كما شكل المؤتمر فرصة لتقديم نماذج جديدة في تكامل الفلسفة مع مناهج التعليم، حيث سلط الضوء على كيفية تعزيز الفهم الفلسفي في المدارس والجامعات، وتحفيز الابتكار في هذا السياق -مما لا شك فيه- سيساهم في تطوير العقول والأفكار.

إضافة إلى ذلك، تناول المؤتمر التحديات التي تواجه المجتمعات الحديثة، مثل التكنولوجيا وتأثيرها على الوعي الفلسفي، ومواكبة التطورات الاجتماعية والثقافية. كما استكشفت الجلسات النقاشية سبل مواجهة هذه التحديات بروح فلسفية.

لم يقتصر تأثير المؤتمر على المستوى الثقافي والفلسفي فحسب، بل شمل أيضا المجتمع المحلي بشكل واضح. فتفاعل السكان مع المعارض والفعاليات ساهم في إثراء التجربة الثقافية لجميع أطياف المجتمع. كما أنه وفر المساحة الكافية للباحثين والأكاديميين لتقديم أحدث الأبحاث والنظريات الفلسفية، مما سيحفز لديهم الابتكار وتعزيز مكانة المملكة المستقبلي كمركز للبحث الفلسفي المتقدم.

لقد أعطانا هذا المؤتمر الدولي دفعة إيجابية للتواصل الاجتماعي، حيث ساهم في توسيع دائرة الحوار حول القضايا الاجتماعية وتفعيل دور الفلسفة في حل المشكلات الاجتماعية.ولما للمرأة السعودية من أدوار فاعلة في مجتمعها، فقد ركز المؤتمر أيضا على دورها الريادي البارز ومساهمتها في الفلسفة والثقافة، وعلى كيفية تعزيز دورها في تطوير الفكر والفلسفة في المستقبل.

ما جعل هذا المؤتمر استثنائيا ليس التنظيم المتقن والمشاركة الدولية الفعّالة فحسب، بل أيضا تلك الروح الحية التي تجلت في التفاعل بين مختلف فقراته، ومواضيعه وأطروحاته. لقد كانت هذه التظاهرة الفلسفية مصدر إلهام للجميع، إذ أثبتت أن الفلسفة ليست مجرد عبارات ونصوص، بل هي عنوان لتفكير متقدم وحوار مجتمعي ودولي بنّاء.

لعلي أختتم هذه الرحلة الفلسفية الاستثنائية داخل أروقة مؤتمر الرياض للفلسفة 2023، لأقول إننا شهدنا لحظة فارقة في عالم التفكير والحوار، وإن هذا المؤتمر ظهر واحدا من أبرز الأحداث التي أضاءت سماء المملكة العربية السعودية في خاتمة هذا العام المليء بالمنجزات السعودية العظيمة، مما يرسّخ دورها كمركز حيوي للحوار الثقافي العالمي، ومركز للمعرفة المستدامة.

font change