دخلت الحرب بين الجيش السوداني وميليشيا "قوات الدعم السريع" شهرها الثامن، من دون أفق لأي اختراق إيجابي يساهم في إنهائها.
انهارت منصة التفاوض التي رعتها الوساطة السعودية- الأميركية المشتركة على مذبح عدم جدية طرفي القتال في التعامل معها وعدم التزامهما بما تم الاتفاق عليه في الجولات السابقة. وانعقدت قمة دول "الإيقاد" (الهيئة الإقليمية للتنمية) يوم السبت الماضي، واختتمت أعمالها ببيان ختامي لم تتأخر وزارة الخارجية السودانية طويلا قبل أن تعترض عليه بمبررات أقل ما يقال عنها إنها واهية، فيما تنصلت "قوات الدعم السريع" من الالتزام بما ورد فيه من مقترح على عقد لقاء مباشر بين قائدي الطرفين (عبدالفتاح البرهان، ومحمد حمدان دقلو "حميدتي") لتبلغ سكرتارية "الإيقاد" أن من سوف يلتقي بقائد الجيش، سيكون شقيق حميدتي، عبدالرحيم دقلو، الذي يشغل في الحين ذاته منصب نائب قائد "الدعم السريع".
وفي الحين ذاته، استمر التضليل الإعلامي الذي يمارسه طرفا القتال ومن يواليهما من المدنيين بكثافة وهو تضليل أخطر على جهود إيقاف الحرب من كل هجمات ميليشيا الجنجويد وقصف الجيش. كمية الضلالات المنتشرة عن تسريبات من جدة عن فتوى لخبير أجنبي حول عدم ضرورة خروج الميليشيا من بيوت المواطنين أو عن مداولات اجتماعات "الإيقاد" المغلقة أو غيرها والتي تنتشر بشكل مذهل.
ولم تكف الحرب وويلاتها وعذابات الناس جراءها، لتعلم بعض القوى المدنية السودانية أن البروباغندا والأكاذيب لا يمكن أن تخدم غرضا جيدا أو هدفا شريفا. ولا يمكن للقوى السياسية المدنية أن تسعى لحكم الناس بخداعهم أو بخلق واقع مغاير لما يعايشونه ويشاهدونه كل يوم.
بروباغندا العبث بأحلام وآمال السودانيين الذين ينتظرون أن تتوقف الحرب ليرجعوا إلى أهلهم وديارهم ووطنهم لا يمكن أن تكون مفيدة أو إيجابية، فالناس سيعلمون الحقائق، ولو بعد حين، ذلك ناهيك عن أنهم يشاهدونها نصب أعينهم كل ساعة؛ فالميليشيا لا تكف عن ارتكاب الانتهاكات والجرائم. آخرها ما أورده محامو الطوارئ عن ارتكاب الميليشيا لعدد من جرائم الاغتصاب الجديدة من قبل منسوبي "الدعم السريع" بحق 56 فتاة بجنوب دارفور بينهن خمس قاصرات وثلاثة أطفال ذكور، وهو ما نتج عنه حالة وفاة واحدة. في حين يستمر عجز الجيش أو عدم رغبته في أداء أي مهام متعلقة بحماية المدنيين أو استعادة الاستقرار للبلاد. والنتيجة واحدة، هي مزيد من المعاناة التي تقع على المدنيين.