لا توجد مفاجأة في تصريحات بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الإسرائيلية، المتضمنة رفضه تمكين السلطة الفلسطينية من حكم قطاع غزة، بعد توقف الحرب، وإنه في غزة "لن تكون حماسستان ولا فتحستان"، مع تلميحه بإمكان شنّ إسرائيل حربا ضد السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، أيضا؛ علما أن إسرائيل تقوم بذلك فعلا بما في ذلك شرعنة تسليحها المستوطنين وإطلاق يدهم في التنكيل بالفلسطينيين، والاعتداء على أراضيهم وممتلكاتهم.
بل إن نتنياهو وصل في تصريحاته تلك حد تحميل مسؤولية العملية الهجومية التي نفذتها حركة "حماس" (7/10)، بتداعياتها الكارثية على إسرائيل، وعلى صورتها كدولة رادعة، لحزب العمل، وتيارات الوسط، التي وقعت "اتفاق أوسلو" (1993) مع الفلسطينيين، ما نجم عنه إقامة كيان سياسي لهم، بما في ذلك غسل يديه أيضا، من ذلك الاتجاه الذي كان داخل حزبه "الليكود"، الذي أخذ على عاتقه خيار الانسحاب الأحادي من قطاع غزة (شارون وأولمرت وليفني)، والذي عارضه نتنياهو وقتها بشدة (2005).
القصد أن نتنياهو يستغل الأجواء الحربية الراهنة ليس لتلافي تبعات ما تعرضت له إسرائيل في ظل رئاسته للحكومة، فقط، وإنما لتصفية حسابه، أيضا، مع اتفاق أوسلو، وشطب الكيان السياسي للفلسطينيين، في غزة وفي الضفة، وهو النهج الذي حكم سياساته منذ صعوده إلى سدة السلطة في إسرائيل (1996). فنتنياهو هو الذي أسس لسياسة القطيعة مع اتفاق أوسلو، وتقويض كيان السلطة الفلسطينية، أو تهميش وجودها، منذ البداية، أكثر من أي أحد آخر في إسرائيل، أي أكثر من إيهود باراك وآرئيل شارون، علما أنه أتى إلى رئاسة الحكومة وقتها، وإلى زعامة حزب الليكود، من باب التحريض ضد ذلك الاتفاق، ما أدى إلى اغتيال إسحق رابين (نوفمبر/تشرين الثاني 1995)، رئيس الحكومة الأسبق، وزعيم حزب العمل في ذلك الوقت.