عام 2004 في زيارة لدولة غويانا، طمأن الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز مستضيفيه- والأرجح بنصيحة من "معلمه" فيديل كاسترو- قائلا لهم إن الصراع التاريخي على أرض "الإيسكويبو" (Essquibo) المتنارع عليها منذ عقود لا بل منذ قرون قد انتهى وصار من الماضي. لماذا استفاق الآن هذا الخلاف وعاد إلى البروز اليوم، وما هي احتمالات تحوله إلى حرب مفتوحة؟
عودة إلى بوليفار والإنكليز
نتكلم عن جمهورية غويانا التعاونية بتسميتها الرسمية. إنها دولة صغيرة في أعلى شمال خريطة أميركا الجنوبية لها حدود مع البرازيل وفنزويلا وسورينام. هي جزء من منطقة غويانا (العبارة هندية وتعني أرض مُفعمة بالماء بسبب كثرة الأنهار وغزارتها) الموجودة في حوض الأمازون وتنقسم إلى عدة مناطق ودول تلخص تاريخ الاستعمار في القرون الماضية: هناك الإسبانية التي هي جزء من فنزويلا، والبرتغالية التي تحمل اسم ولاية رورايما في البرازيل، والهولندية التي استقلت في أواسط السبعينات وصار اسمها سورينام، والفرنسية وهي مقاطعة تحمل اسم غويان، وأخيرا البريطانية التي استقلت أواسط الستينات وتحمل اسم غويانا.
وهذه الأخيرة التي تعنينا هنا هي ثالث أصغر بلد في أميركا الجنوبية بمساحتها (214 ألف كلم مربع) وثاني أصغر دولة من حيث عدد السكان أي حوالي ثمانمئة ألف نسمة. إنها البلد الوحيد في أميركا الجنوبية الذي يتكلم الإنكليزية، ولذلك ينتمي ثقافيا على الأقل إلى جزر الكاريبي التي تنطق مثله بالإنكليزية كجامايكا وغيرها. أرض غويانا كانت مسكونة من عدة شعوب أصلية قبلية، وأول مستعمرين غربيين أتوا إليها هم الهولنديون في بداية القرن السابع عشر قبل أن يتركوها للإنكليز في نهاية القرن الثامن عشر.