انضم الديمقراطيون إلى المشرعين الجمهوريين في الأسابيع الأولى التي أعقبت هجوم "حماس" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، في إدانة "حماس" والتعبير عن الدعم بالإجماع لإسرائيل، بيد أن تزايد أعداد القتلى والخسائر الإنسانية، وتغير المواقف العامة واندلاع المظاهرات الغاضبة، والتقارير عن الهجمات العشوائية على البنية التحتية المدنية، بدأت كلها في تفتيت استجابة المشرعين الديمقراطيين.
انقسام بين أعضاء الحزب الديمقراطي
وينقسم الديمقراطيون الآن بين مؤيد لفلسطين ومؤيد لإسرائيل وثالث يسعى إلى ضبط النفس والحياد. ووفقا لاستطلاع القضايا الحرجة الذي أجرته جامعة ميريلاند، انخفض عدد الديمقراطيين والمستقلين في المعسكر المحايد، مع انخفاض نسبة الديمقراطيين من 73.4 في المئة إلى 57.4 في المئة منذ شهر يونيو/حزيران الماضي، وانخفاض نسبة المستقلين (من غير الحزبين الكبيرين) من 71.4 في المئة إلى 53.6 في المئة.
في حين أشارت استطلاعات الرأي الأولية إلى أن المزيد من الديمقراطيين أيدوا إسرائيل في أعقاب هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وارتفعت نسبتهم من 13.7 في المئة في يونيو/حزيران إلى 30.9 في المئة في أكتوبر/تشرين الأول، ومع ذلك فإن الاحتجاجات الأخيرة في جميع أنحاء البلاد والمخاوف بشأن المعاملة السيئة للفلسطينيين سلطت الضوء على الانقسام بين الجناح اليساري والجناح المعتدل في الحزب الديمقراطي بشأن مسألة السياسة الخارجية هذه.
وقد أدى مشروع قانون التمويل الطارئ الذي اقترحه الجمهوريون في مجلس النواب لإسرائيل إلى تفاقم هذا الانقسام بشكل خاص بين الديمقراطيين، وخاصة الديمقراطيين اليهود الذين يسعون إلى تعزيز المساعدات لإسرائيل مع الحفاظ أيضا على خط الحزب.
ولكن مشروع القانون الذي تجاهل تقديم الدعم لأوكرانيا، والمساعدة الإنسانية للفلسطينيين، وحاول تخفيض حصة مصلحة الضرائب الأميركية من الإنفاق لتأمين المساعدة الطارئة لإسرائيل، ولّد في النهاية جبهة موحدة بين الديمقراطيين في معارضة مشروع القانون.
وقال النائب غريغوري ميكس، كبير الديمقراطيين في لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب: "رسالتي إلى تجمع الديمقراطيين في مجلس النواب هي: إذا كنت مؤيدا فعلا لإسرائيل، فعليك أن تصوّت بلا، لأن الجمهوريين يلعبون لعبة سياسية بهذا المشروع". وأشار إلى أن المساعدات لإسرائيل والأمن القومي لم تكن مشروطة من قبل أبدا، وهذه الخطوة من شأنها أيضا أن تزيد العجز.
ومع ذلك، فإن بعض الديمقراطيين، مثل النائب جاريد موسكوفيتش من فلوريدا، والنائبة ديبي واسرمان من فلوريدا، والنائب براد شنايدر من إيلينوي، لديهم تحفظات بشأن معارضة مشروع القانون، بسبب الضغط الكبير الذي يواجهه ناخبوهم لإظهار الدعم والتضامن مع إسرائيل، بغض النظر عن العواقب السياسية المحتملة.
والأهم أن هناك الآن ديمقراطيين خرجوا على الخط الحزبي بشأن الدعم الكامل لإسرائيل، ساعين إلى تغيير السياسة الأميركية تجاه إسرائيل وفلسطين لزيادة الدعم للفلسطينيين ولحل الدولتين.
ودعا ممثلون في الكونغرس، مثل رشيدة طليب من ميتشيغان، إلى رفع الحصار الإسرائيلي وتفكيك "نظام الفصل العنصري"، وذلك بعد يوم فقط من هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول. كما أصدر النائب كوري بوش أيضا بيانا يدعو ليس فقط إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حماس"، بل إلى إنهاء دعم الولايات المتحدة "للاحتلال والفصل العنصري" الإسرائيليين أيضا. وأثارت تصريحات طليب وبوش جدلا بين المشرعين الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء، حيث ذكر ممثلون مثل ريتشي توريس أن طليب وبوش يمجدان المقاومة، مؤكدا أن "المساعدات الأميركية لإسرائيل كانت ويجب أن تظل دون شروط".
وأدى دعم طليب لفلسطين إلى مزيد من الانقسام بين المشرعين، بعد أن نشرت تغريدة فيها عبارة "من النهر إلى البحر"، مما أدى إلى زيادة حدة انتقادها، وبلغ الأمر مبلغا طالب فيه بعض المشرعين الجمهوريين، مثل النائب ديريك فان أوردن، بطردها من الكونغرس. ولم تأت الانتقادات من الجمهوريين فحسب، مثل النائب مايك لولر، والنائب جيف فان درو، ولكن أيضا من أقرانها في الحزب الديمقراطي، وبالفعل وقع 70 منهم على رسالة تنتقد استخدامها للشعار الفلسطيني القومي. واعتلت النائبة طليب منصة الحديث في قاعة مجلس النواب للدفاع عن نفسها وهي تغالب الدموع، قائلة: "لا يمكن التخلص من الفلسطينيين"، مكررة دعوتها إلى وقف إطلاق النار. ولكن جلسة مجلس النواب انتهت بالتصويت على توبيخها بأغلبية 234 صوتا مقابل 188 صوتا معارضا.
محنة بايدن
كشفت استطلاعات الرأي أن أميركيين، يمثلون الحزبين الجمهوري والديمقراطي، أبدوا انتقادات لتوجه الرئيس بايدن تجاه غزة، وإن كان لأسباب مختلفة. ومن بين المستجيبين الجمهوريين، قال 26 في المئة إن موقف الإدارة أظهر محاباة مفرطة تجاه الفلسطينيين. وفي المقابل، أعرب 24.4 في المئة من المشاركين الديمقراطيين عن عدم موافقتهم على ذلك، معتقدين أن بايدن يميل كثيرا لصالح إسرائيل وهجومها المستمر في غزة.