إنّها ذكرى الخمسون لرحيل بابلو بيكاسو (1881-1973)، الفنّان التشكيلي الساحر، الأشهر في العالم، والأخصب في أعماله: نحو خمسين ألف لوحة، توزّعت في اتجاهات مختلفة، ما عدا الرسم التجريدي، وهو نبذ الأسلوبيّة الواحدة، أي الاتجاه الذي يختاره الفنّان على امتداد عمله. فهو عكس دالي صاحب اللوحات المؤسلبة، مفجّر مراحل، وسيّد التجريبيّة في الفنّ المعاصر، مشغولة في مراحل عدة، التكعيبيّة وكذلك السورياليّة، والمرحلة الزرقاء، والورديّة، كما اشتغل على مواد عدة: منحوتات، خزف، رسوم، ونقوش.
إلى فنّه التشكيلي، أصدر بيكاسو ديوانا شعريّا، لم يكن في مستوى فنّه التشكيلي. لكن صدر كتاب بعنوان “بيكاسو بقلم بيكاسو” يتضمّن قصائد، وتعليقات، وآراء في الحياة، وفي الفنّ. إنّها التقاطات تفتح ما وراء أعماله، وما وراء مشاعره، في شكل ساخر هنا، وشعري هناك، ونقدي في بعض الأحيان.
مختارات من هذا الكتاب تعبّر عن ظاهر بيكاسو ومضمره أو سكوته أو ما وراءه:
عندما يريد الناس أن يفهموا اللغة الصينيّة، يفكّرون: علينا أن نتعلّم الصينيّة، أليس كذلك؟ لكنهم، لماذا لا يفكّرون إطلاقا في أنّهم يجب أن يتعلّموا الرسم.
إذا رجع الفنّان رافائيل الآن مع اللوحات نفسها التي رسمها، فلا أحد سيشتري منه ولو لوحة واحدة، بل كذلك لن ينظر إليها.
كان يحلم بمعارض تقدّم فيها اللوحات كما في المحترف: فهناك هي بالذات حقيقيّة.
تعيش اللوحة حياتها. مثل كائن حيّ يتعرّض للتغييرات تفرضها عليه الحياة اليوميّة. هذا طبيعي لأنّ اللوحة لا تعيش سوى بمن ينظر إليها.
كل تحفة تأتي إلى العالم مع كمّية من البشاعة فيها. هذه البشاعة هي علامة صراع المبدع ليقول شيئا جديدا بطريقة جديدة.
في الواقع يعمل الفنّان لوحته بقليل من الألوان. ما يوهم بعددها، أنها وضعت تماما في مكانها الصحيح.