من الخطأ التعامل مع إعلان حركة "حماس" عن تأسيس "طلائع طوفان الأقصى" انطلاقا من لبنان، على أنه خطوة ذات سياق لبناني بحت. بمعنى أنّ هذا الإعلان لا يُقرأ بالدرجة الأولى من زاوية استعداد "حماس" للانخراط أكثر في تنفيذ عمليات عسكرية ضد إسرائيل انطلاقا من جنوب لبنان؛ فلا يمكن الظن للحظة واحدة أن "حماس– لبنان" يمكنها أن تتصرف من النواحي السياسية والعسكرية والأمنية في لبنان وبالأخص في جنوبه بمنأى عن حسابات "حزب الله". ولاسيما أنه لا يمكن أن يكون هناك قراران عسكريان- أمنيان في جنوب لبنان، فالقرار هناك لـ"حزب الله" وحده. وهذا أمر له مسار طويل بدأ منذ الثمانينات لا بدوافع لبنانية وحسب بل بناء على حسابات إقليمية، سورية وإيرانية.
بالتالي فإن النقطة الأولى في قراءة بيان "حماس- لبنان" هي التأكيد على أن الحركة الفلسطينية لا يمكنها أن تنشئ حالة أمنية وعسكرية في لبنان بمعزل عن "حزب الله"، وإلا فإن الحزب نفسه سيعتبر ذلك تحديا له وتشكيكا في سطوته الأمنية والسياسية على لبنان وجنوبه على وجه التحديد؛ فما هي دواعي هذا الإعلان إذن ما دام لا يعني بالضرورة أن "حماس" في وارد تصعيد نشاطها في الجنوب اللبناني، إلا إذا كان "حزب الله" نفسه يريد تسخين الجبهة أكثر والانخراط في مواجهة أوسع مع إسرائيل، وهو أمر لا يبدو أنه يشكل أولوية لدى الحزب الذي لا يزال منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول يخوض مواجهة "محسوبة" ضد إسرائيل.
موقف "حزب الله"
حتى إن اعتبار إعلان "حماس" رسالة من "حزب الله" إلى إسرائيل بأنه مستعد لتسخين الجبهة معها أكثر، هو اعتبار ضعيف الحجة بالنظر إلى أن رسالة كهذه ساقطة من الناحيتين الأمنية والعسكرية تبعا لقدرات "حماس" في لبنان، ولذلك فهي ستتحول ضدّ الحزب نفسه؛ وهذا فضلا عن أن تبريرات "حماس" لإعلانها بعد ردات الفعل اللبنانية عليه يسقط عنه صفة الرسالة لإسرائيل.
والحال فإن القراءة الدقيقة لإعلان "حماس" تتطلب فهم موقف "حزب الله" وحساباته تجاه "المسألة الفلسطينية" في لبنان. وهي حسابات معقدة ولا يمكن حصرها بتكتيكات "محور المقاومة" في إدارة المعركة الحالية في غزة وارتداداتها على مستوى المنطقة.