غزّة: لم تصمد الهدنة الإنسانية في غزة، سوى لأيام معدودة، حصل خلالها أبناء القطاع على فرصة لالتقاط الأنفاس، وتوقف نزيف الأرواح مؤقتا، ليعود القتل والترويع بصورة أشدّ هولا بعد تجدّد العدوان الإسرائيلي وتمدّده إلى جنوب غزة.
صحيح أن الهدنة العابرة لم تأت بجديد على الصعيد المعيشي والاجتماعي الفلسطيني، فبقي أبناء القطاع مشتتين مشرّدين، يعيش معظمهم في ظروف بالغة القسوة، وفي مراكز إيواء غير مؤهلة لأدنى ظروف الحياة الإنسانية المقبولة. كما بقي حال شح البضائع وارتفاع أسعارها على حاله، بل إن بعضها ارتفع ثمنه، ولم يتغير شيء في أزمة انقطاع الغاز والوقود والماء، وظلّت الحياة اليومية تراوح مكانها في بقعة العيش البدائي المطعّم بالرعب.
حملت تلك الهدنة وهم التحرر من أسر الحرب التي ظلّ سيفها فوق رقاب الناس، وظنّ الفلسطينيون أنها قد تكون بداية إنقاذهم من الإبادة الجماعية المتواصلة بحقهم. لكنّ الوهم انكسر، وعادت دورة الحرب من جديد، دون أمل يلوح في الأفق بتوقفها قريبا، وكأن ثمة قدرا رسم، وقرارا اتخذ، بأن تتواصل المقتلة، وتستمر أشكال الترويع والإذلال، في تلك البقعة المعزولة عن العالم.