لم تطلق أزمة غزة حربا إقليمية واسعة النطاق في الشرق الأوسط، كما توقع البعض، ولم تلحق الضرر بأسواق الطاقة والاقتصاد العالميين. ورغم الهدن الممددة وصفقات تبادل الأسرى، فإن استمرار الحرب وانتقالها من شمال قطاع غزة إلى جنوبه يهددان بتدحرج الحرب في الشرق الأوسط. وتواصل إسرائيل عملية "السيوف الحديدية" في غزة بذريعة تدمير مقدرات "حماس" وخلق قطاع غزة يحكمه أي طرف آخر غيرها. لكن مخاطر حصول تداعيات إقليمية سواء بصدام أو تسويات أميركية– إيرانية لا تزال قائمة خصوصا إذا استمرت الحرب لفترة طويلة.
أفادت تقارير بأن إيران أبلغت "حماس" بأن عدم معرفتها مسبقا بهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول يعني أن طهران لن تتدخل في الصراع على نحو مباشر وواسع. إلا أن وكلاء إيران ردوا على إسرائيل وأميركا في ثلاث ساحات إقليمية مختلفة:
الأولى: هجمات يشنها "حزب الله" على طول الحدود الإسرائيلية اللبنانية، وترد عليها إسرائيل.
الثانية: إطلاق "الحوثيين" صواريخ بعيدة المدى وطائرات مسيرة من اليمن، اعترضتها إسرائيل والولايات المتحدة، أو أسقطتها في مناطق فارغة، إضافة إلى "صور استعراضية" لمسيرة إيرانية فوق حاملة الطائرات الأميركية بالخليج.
الرد الثالث: وربما أكثرها من حيث عدم التوقع- مع عواقب سياسية غير معروفة بالقدر نفسه- فيشمل ما تقوم به الميليشيات المدعومة من إيران من تصعيد عسكري أفقي ضد القواعد العسكرية الأميركية في سوريا والعراق، وهو تصعيد متواصل منذ عدة أشهر، على الرغم من الضربات العسكرية الأميركية المتعددة. وكان أحد تجليات هذا التصعيد، قصف أميركي على ميليشيات إيرانية في العراق، هو الأول منذ تسلم إدارة بايدن.
منذ هجوم "حماس" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، يتبنى "حزب الله" يوميا مسؤوليته عن الكثير من الهجمات على إسرائيل، والتي يعقبها عادة رد إسرائيلي. هذه الدينامية دفعت إسرائيل في 18 أكتوبر/تشرين الأول، إلى أن تأمر بإجلاء المدنيين بعيدا عن الحدود مع لبنان بخمسة كيلومترات، قابلها من الجانب اللبناني إخلاء معظم القرى بعيدا عن الحدود ضمن النطاق نفسه أيضا. وحتى تاريخ 20 نوفمبر/تشرين الثاني، قتل على الجانب اللبناني أكثر من 70 مقاتلا من "حزب الله" و10 مدنيين لبنانيين، في حين قتل على الجانب الإسرائيلي 10 إسرائيليين، بينهم 7 جنود. ثم أعلن عن مقتل عناصر من "نخبة" الحزب بقصف إسرائيلي.