لندن - كانت حرب الثلاثين عاما التي امتدت من عام 1618 إلى عام 1648 واحدة من أطول الصراعات وأكثرها وحشية في التاريخ الأوروبي، لكنها على الرغم من ذلك، أهدتنا تحفة أدبية واحدة: رواية بعنوان "مغامرات سمبلي سيسمس". تبدأ الرواية بشخصية العنوان، وهو راع للأغنام، تختطفه فرقة من سلاح الفرسان، الذين شرعوا في نهب مزرعته ومنزله، وتعذيب عائلته وعماله، واغتصاب النساء، وإلقاء البعض في الأفران وقتل الآخرين بطرق مروعة مختلفة.
تعكس هذه الرؤية القاتمة في الرواية بشكل وثيق الأهوال الفعلية لتلك الحقبة التاريخية؛ حيث إن الأحداث البارزة مثل نهب ماغدبورغ الذي نفذه الجيش الإمبراطوري بقيادة مارشال تيلي، إلى جانب المذابح الآيرلندية المروعة التي حرضت الكاثوليك ضد البروتستانت والعكس، في عهد أوليفر كرومويل، لا تزال تطارد ذاكرتنا الجماعية حتى يومنا هذا.
ومن المؤسف أن أعمالا وحشية مماثلة عادت إلى الظهور في التاريخ الحديث، كما شهدنا أوائل الستينات في الكونغو، وحرب فيتنام، والصراعات اللاحقة في منطقة البحيرات العظمى والبلقان خلال التسعينات، أشعلتها الانقسامات العرقية القومية والدينية أو العنصرية.
الحاضر والماضي
النقطة المهمة أن ما فعلته "حماس" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول ليس أمرا غير عادي بحد ذاته. فالوحشية السادية شائعة في الصراع. ولكن ما جعل الأمر مختلفا جزئيا جملة من النقاط، أولاها أن هذه السادية سُجلت ثم نشرت على الإنترنت: وهذا ما كانت "داعش" رائدة فيه بالطبع، ما يعطي المقارنة بينهما معنى (كما ادعى بعض "الخبراء في الإسلاموية")، ويجعلها ذات صلة، في هذه النقطة بالذات على الأقل. والأمر الثاني أن هذه السادية لم تكن عشوائية، بل كانت في واقع الحال مصممة لتوضيح نقطة محددة، وكما أوضح القيادي في "حماس" غازي حمد، في وقت لاحق، على شاشة التلفزيون اللبناني، قائلا إن هدف "حماس" هو تدمير إسرائيل. ورأى أن إرهاب الإسرائيليين نقطة بداية جيدة له.