تركت الحرب الدائرة في غزة أثرها العميق على القارة الأوروبية، ما أظهر وجهين متباينين لها. الأول وجه مؤيد تماما لإسرائيل، بدت معه القارة مستعدة للاستماع إلى مظالم تل أبيب وحدها، ودعم حقها في الدفاع عن شعبها.
ويُعَد جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، نموذجا معبرا عن هذا الوجه الأوروبي.
ولعل في احدى مقابلاته التلفزيونية ما يثبت ذلك الأمر بجلاء، حين لم يتردد السيّد بوريل في وصف هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول التي شنتها "حماس" على المستوطنات في جنوب إسرائيل بأنها "جريمة حرب". لكنه حين سُئل عن الهجمات الإسرائيلية على غزة، وقتْلِ ما يقرب من 14 ألف مدني وقصفِ آلاف المنازل في الأجزاء الشمالية والوسطى من الأراضي الفلسطينية، تذكر السيد بوريل بلمح البصر أنه ليس محاميا وأنه لم يكن في وضع يسمح له بإصدار أي أحكام قانونية.
ولكن من حسن الحظ أن ثمة وجها آخر للقارة. إنه وجه أوروبا المستعدة للعمل على حماية مصالحها في مواجهة الدعم غير المشروط الذي يقدمه الوجه الآخر لتل أبيب.
ويعمل هذا الوجه الآخر لأوروبا حاليا على تخفيف الآثار المحتملة للحرب في القارة. وهو يفعل ذلك من خلال مد الأيدي الأوروبية للتعاون مع الأطراف الأخرى.
وحاليا يمد هذا الوجه الآخر لأوروبا يديه إلى مصر، وهي الدولة المكتظة بالسكان، والتي تعاني اقتصاديا، وهي التي تحملت وطأة الهجوم الإسرائيلي على غزة، إذ تواجه احتمالات الدمار الاقتصادي نتيجة لذلك.
مخاوف مشتركة
ومع ذلك كله، تثير هذه المناشدة تساؤلات حول ما إذا كانت القاهرة سترضى بأن يكون لها شأن من خلال تحولها إلى خفر السواحل المخلص للقارة العجوز.