-
تزوجت ليلى مراد من أنور وجدي وفرضته على عائلتها اليهودية وتحدت التقاليد والأعراف، في حين أنها خضعت لخطاب ذكوري قدمته للسينما. كيف تفسرين هذا التناقض؟
ليلى مراد كانت شخصية قوية جدا، عكس ما يتصوره الناس بتبني شخصيتها المستضعفة على الشاشة وكأنها شخصيتها الحقيقية. ليلى قامت بكثير من الاختيارات المهنية والشخصية بقصد ووعي، وهذا لا يعنى أن نتيجة الاختيارات دائما كانت لصالحها، فزواجها من مسلم لم يكن مسألة "طبيعية" كما يفترض البعض ظنا أن التسامح الديني والاجتماعي جعل الزواج بين أبناء الديانات المختلفة أمرا عاديا. على العكس، كان اليهود المصريون قلقين جدا من الزواج خارج طائفتهم وكان والدها زكي أفندي مراد معتزا بيهوديته. عندما تزوجت ليلى مراد من أنور وجدي كانت في مكانة قوية جدا في عائلتها خاصة أنها كانت المتكفلة نفقات الأسرة ودعم الأخوات. أيضا أنور، بشخصيته الجذابة وفرص العمل التي أتاحها لإخوتها وخاصة الموهوب جدا منير مراد، سهل قبول الزيجة. أما التناقض بين اختياراتها لنفسها والخطاب الذكوري في أفلامها، فهي ليست الوحيدة في ذلك، بل هي مسألة متكررة بين نجمات السينما العالمية. وكما ذكرت سابقا، فكثير من الفنانين والفنانات ينظرون الى أنفسهم في حدود دورهم الفني وليس كقادة للتغيير الاجتماعي والفكري، وينظرون الى السينما باعتبارها منتجا للمتعة والتسلية ولا بد أن تغطي تكلفتها وتحقق ربحا بجذب جماهير عريضة وليس فقط لمن يريدون الجدال الفكري ويبحثون عن أفكار التغيير الاجتماعي.
-
لم تتأثر نجومية ليلى مراد بشائعات تبرعها وسفرها الى إسرائيل التي بثتها وسائل إعلام سورية على الرغم من أن الدولة لم تبذل جهدا في تخطيها لهذه الأزمة: هل يعني ذلك أن جدار الحماية الجماهيري هو الأمتن مقارنةً بدور الدولة؟ أم أن تلك حالة خاصة بليلى مراد فقط؟
صحيح إلى حد بعيد. بالعكس، إن ثبوت كذب الإشاعة زاد من حب الناس لليلى مراد خاصة في العقود الأخيرة عندما وجد المعارضون للتطبيع مع اسرائيل في ليلى مراد نموذجا للوطنية والالتزام العربي ورفض إسرائيل.
-
هل اختارت ليلى مراد في آخر أيامها أن تعيش كأم، أم فرض عليها اختيار هذا الدور؟ وكيف تفسرين خسارتها لثروتها؟
فُرض الغياب عن السينما على ليلى مراد، في حين أنها لم تختر الاعتزال البتة، لا بعد مولد طفلها الأول أشرف ولا الثاني زكي مراد، لكنها اضطرت في فترات إلى التفرغ لظروفها الصحية والنفسية أو العائلية كما حدث منتصف الخمسينات، لكنها حاولت العودة مرات عديدة الى السينما، كما استمرت في الغناء وتسجيل أغنيات للإذاعات المصرية والعربية.
عاشت ليلى مراد في بحبوحة على الرغم من التوقف عن الظهور في أفلام جديدة. كانت تقضي مع أولادها الصيف في لبنان وأميركا وأهدت الى ابنها أشرف سيارة لنجاحه في الثانوية العامة. قد تكون باعت بعض ممتلكاتها بأسعار أقل من القيمة التى كانت ستحصل عليها إن أجلت البيع أو باعتها باختيارها في ظروف عادلة، لكن ذلك حدث مع كثيرين ولا يرقى الى خسارة الثروة.
أما الإنتاج، فآسيا داغر كانت من أهم منتجات السينما المصرية وقبلها بهيجة حافظ وعزيزة أمير التي حققت ثروة طائلة من الإنتاج السينمائي. الإنتاج ليس فعلا للرجال أو النساء، ولكل حالة ظروفها وإن كانت الظروف الاجتماعية تشجع الرجال أكثر من النساء على الإنتاج، وليس لهذا أي دخل بالقدرات المهنية أو الفنية للرجل أو المرأة. ليلى مراد لم تكن منتجة فاشلة لكنها قطعا لم تحقق النجاح نفسه كالذي حققته مغنية وممثلة. أنتجت فيلم "الحياة الحب"، ولم يفشل، كما أنتجت لأخيها منير مراد أول أفلامه مع شادية وحقق نجاحا طيبا، وعلينا أن نتذكر أن كثيرا من النجوم الرجال فشلوا كمنتجين.
-
ذكرت أن كتابة الكتاب باللغة الإنكليزية كان تحديا. لماذا اخترت الإنكليزية للكتابة عن ليلى مراد؟ وهل هناك تفكير أو خطوة لترجمة الكتاب الى العربية مستقبلا؟ وما مشروعك المقبل؟
أكتب أبحاثي بالانكليزية كضرورة مرتبطة بوظيفتي كأستاذة في جامعة أميركية، وإنتاجنا العلمي لا بد أن يخضع للمراجعة والتقييم من زملاء وخبراء في الأكاديمية الأميركية. هذا تحدٍّ لي لأن الانكليزية هي لغتي الثانية. لكن الحمد لله وبعدما حصلت على درجة الأستاذية، أعلى درجة في الاكاديمية الأميركية، فلي أن أنتج أبحاثي بالعربية إذا ما تسنى ذلك.
أعتقد أن أي إنتاج بحثي عن مصر لا تكتمل قيمته أو يصح تقييمه إلا عندما يقرأه المصريون، خاصة من زملائي المؤرخين والباحثين المصريين. أتمنى ترجمة كتابي عن ليلى مراد وكل مؤلفاتي الأخرى، وعلى حد علمي فإن كتابي الأول "الجنسانية الصناعية" وبعض المقالات البحثية قيد الترجمة. أعكف حاليا على إعداد مذكرات ليلى مراد للنشر وسيكون طبعا باللغة العربية مع مقدمة وهوامش لوضع المعلومات والآراء التى عبرت عنها ليلى مراد في سياقها. في الوقت نفسه أعد كتابا جديدا عن التاريخ الاجتماعي للطفولة في مصر منذ بداية القرن العشرين حتى صدور قانون الطفل منتصف التسعينات.