مضى 50 يوما على الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، إذ لا يمكن توصيف الهجوم المباغت، الذي بادرت إليه "حماس" في 7 اكتوبر/تشرين الأول، كحرب، مثلما لا يمكن تفسير حرب الإبادة، التي تشنها إسرائيل ضد الفلسطينيين كرد على تلك العملية، فقط، رغم أنها الأولى في نوعها من حيث الحجم، والمكان، والقوة، لأن إسرائيل وحدها هي التي تمتلك القدرة والإمكانيات على الحرب، وليس أي طرف فلسطيني آخر.
توصيف الحرب
لنلاحظ، أولا، أن عملية "حماس"، رغم قوتها وجرأتها وأثرها الكبير على صورة الجيش الإسرائيلي، إلا أنها، من الناحية العملياتية، ظلت محدودة في المكان والزمان ونوعية السلاح.
ثانيا، ثمة في إحالة الحرب إلى تلك العملية مبالغة ورغبوية ومخالفة للواقع، إذ إن إسرائيل شنت الحرب، بكل آلتها العسكرية، في كل بقعة من قطاع غزة، حتى مع عمليات القصف الصاروخي، من قبل "حماس"، ضد المدن الإسرائيلية، فشتان بين تأثير القصف من الجهتين.
ثالثا، واضح أن إصرار إسرائيل على تأريخ الحرب بعملية "حماس" يخدم سرديتها في أن الصراع مع الفلسطينيين بدأ منذ تلك اللحظة، وتاليا تقديم نفسها كضحية، مع احتكار حق الدفاع عن النفس، وإظهار الفلسطينيين كـ"متوحشين" يريدون القضاء عليها، مع بروباغندا إعلامية ثبت دجلها، وذلك للتغطية على حقيقتها كدولة استعمارية وعنصرية وعدوانية في سياساتها إزاء الفلسطينيين من النهر والبحر.
رابعا، عمليا انتقلت "حماس"، بعد يوم الهجوم، من مرحلة الهجوم إلى مرحلة الدفاع، وهذا فارق أساسي.
خامسا، ما يفترض إدراكه أن إسرائيل فرضت حصارها على قطاع غزة، بعد انسحابها الأحادي منه (أواخر 2005)، قبل صعود "حماس"، وسيطرتها كسلطة، إذ الحصار جزء من نهج إسرائيلي، قوامه التطهير العرقي، أو إخفاء الفلسطينيين وراء الجدران، وتهميشهم، وفك أي تواصل بينهم.