لم تتبق إلا أيام معدودات تفصلنا عن موعد إجراء انتخابات مجالس المحافظات التي حددت في يوم 18 ديسمبر/كانون الأول المقبل. ورغم اقتراب الموعد فإن الكثير من التنبؤات لا تزال تتحدث عن إمكان تأجيلها، من دون أن تستند إلى حدث معين يبرر التأجيل أو رغبة واضحة وصريحة من القوى السياسية الممسكة بزمام السلطة. ويبدو أن فرضيات التأجيل تراهن على حدوث متغير سياسي طارئ، من دون تحديد ماهيته ولا من يقف خلفه، قد يؤدي إلى تأجيل الانتخابات.
الانتخابات المحلية المقبلة هي الثالثة منذ تغيير النظام السياسي في العراق، وقد تأخرت كثيرا عن موعدها الدستوري الذي يفترض أن يكون كل أربع سنوات. لكن، ليس تغيير موعدها هو المهم رغم أنه مخالفة دستورية، وإنما تغيير الجبهات السياسية بين من يدعو إلى المقاطعة ومن يدافع عن إجرائها لاستكمال حلقات السيطرة السياسية وتوسيع دوائر النفوذ السياسي.
الصدريون، ولأول مرة في تاريخ عملهم السياسي، يتحولون من جبهة المشاركين في السلطة، إلى جبهة المقاطعين للانتخابات. ويرفعون شعار أن المشاركة في الانتخابات هي "مشاركة مع الفاسدين". كما أن انضمام الصدريين إلى جبهة المقاطعة يعطي قوة لموقف المشككين في المشروعية السياسية للانتخابات في العراق، إذ يعد التيار الصدري أكثر الحركات السياسية التي تجيد إدارة الانتخابات لصالحها، وإعطاء زخم للعملية الانتخابية من خلال القدرة على تنظيم وتحشيد الجمهور للمشاركة في الاقتراع. لذلك بعد أن كانت الأصوات المقاطعة للانتخابات هي الأضعف، فإن انضمام الصدريين لجبهتهم منحهم قوة الموقف في مواجهة الخصوم، ومن ثم أصبح صوتهم أقوى وأكثر تأثيرا.