داهم هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول وتتماته، الشرق الأوسط والعالم، وكشف عن مؤشرات تآكل التأثير الجيوسياسي للاتحاد الأوروبي. بعد الانضواء الأوروبي في الدعم الغربي لإسرائيل الذي ميز المرحلة الأولى من "حرب غزة الخامسة"، سرعان ما غلب التناقض على مواقف غالبية الدول الأوروبية بين مساندة إسرائيل بشكل مطلق ومعارضة خجولة لها، ثم إدانتها بسبب استهداف المدنيين وبعد ذلك عودة بعضها للتأكيد على دعمها من جديد.
أكد هذا التخبط صعوبة بلورة القرار الأوروبي الموحد على عكس ما جرى في حرب أوكرانيا. واتضح للملأ أن المعايير المزدوجة تشكل قطيعة مع "منظومة القيم" وتوجه ضربة لدور خاص ومتوازن في أزمات حقبة "الفوضى الاستراتيجية".
وفي هذا السياق أبدت أوروبا تضامنا لافتا وشبه إجماعي في ردة فعل على "الصدمة الإسرائيلية". لكن سرعان ما أدت الحرب التدميرية في غزة إلى بدء تفكك الموقف الأوروبي، حيث برزت مواقف متباعدة بين الدول الأوروبية التي انقسمت بين ثلاثة معسكرات: المؤيد لإسرائيل، المتوازن، والمتردد.
هكذا في مواجهة الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني، وعلى الرغم من المصلحة الجيواستراتيجية المشتركة مع فضائي الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط، لم يتمكن الاتحاد الأوروبي من تجاوز خلافات أعضائه بشأن مستوى التضامن مع إسرائيل أو كيفية حماية المدنيين الفلسطينيين ومقاربات الحل المنشود في اليوم التالي للحرب. والنقطة الوحيدة التي أجمعت عليها الدول السبع والعشرون كانت الدعوة إلى انعقاد "مؤتمر السلام الدولي" لبحث حل الدولتين، بعد ستة أشهر.