لطالما أثارت لدينا الخيام والعيش فيها مشاعر رومانسية ونحن نراها في الأفلام وفي الصور، ونتخيلها في قراءة الروايات أو النصوص الأدبية، جميلة وغاوية تلك الحياة التي يعيشها مغامر ما في غابة مثلا، أو راغب في المتعة قريبا من البحر وعلى الشواطئ، أو أسرة سعيدة حزمت أمتعتها وراحت تقصد أماكن ساحرة تقضي أوقاتا من التسلية والتمتع بالطبيعة، وربما هناك من يعيش تجربة التخييم في المناطق ذات المناخ المتطرف، بين الثلوج على سبيل المثل، أو في أماد الصحارى ذات الأمزجة المتناقضة بين نهار وليل.
في حياة الخيمة، عندما تكون اختيارا، شكل من أشكال الحنين إلى دهشة البدايات، إلى مواربة النفس تجاه تعقيد الحياة العصرية وصخبها واحتياجاتها التي لا تنتهي، فيها نوع من الرومانسية ككل ما له علاقة بماضي الإنسان، كأنها نوع من الـ"أنتيك"، يستخدمه الإنسان في تطريز حياته بجماليات خاصة، إنما لا يمكن لهذا الـ"أنتيك" أن يكون فعّالا في تسهيل حياة اليوم، بعدما وصل التطور حدّا خارقا في كل المجالات.
عيش مؤقت
العيش في الخيمة عيش مؤقت، يصاحبه تنازل عن رفاهية الحياة الراهنة، تأسيس وتأثيث لمكان صغير محدود بأدوات عيش متواضعة، حتى لو رافق المخيِّمَ عددٌ من أدوات العصر من أجهزة ذكية وما يشابهها، لكنها في المجمل حياة تقترب من البدائية لكل ما يتعلق باحتياجات الإنسان وتطلّعه، وفيها احتيال، إنما مرغوب ومستلطف، على مقدرة المكان في تقديم ما يسعف الحياة في حدها الأدنى، ما دام أنه عيش مؤقت وبقرار شخصي وإرادة حرّة، وليس إملاء من جهة ما، أو إكراها بسبب ظرف قاهر.