قافلة الشعر العربي

قافلة الشعر العربي

في سياق المبادرات الثقافية والإبداعية الهادفة إلى إحياء الموروث العربي الشعري، أهدت وزارة الثقافة السعودية إلى العالم العربي مبادرة "قافلة الشعر العربي"، هذه القافلة التي هيأت رحالها منذ ولادتها كفكرة داخل جامعة الطائف، ليتلوها إطلاق وزير الثقافة الأمير بدر بن فرحان قوافل شعرية تجوب المملكة والعالم العربي معرّفة بالثقافة السعودية. لم تكتفِ وزارة الثقافة ممثلة بهيئة الأدب والنشر والترجمة بهذا الأمر، بل إنها انطلقت في كلّ حدب وصوب، داعمة للثقافة العربية، ومؤصّلة وحاضنة لبيئة مترعة بالمعرفة والقيم السامية.

مع إشارة الإطلاق تلك من وزير الثقافة دشّن المدير العام لـ"أكاديمية الشعر العربي" الدكتور منصور محمد مريسي الحارثي، هذه القوافل، وأعد لها، ولم يبخل وفريقه بجهد، أو وقت في سبيل إطلاق هذا العرس الثقافي الكبير.

لا شك في أن انطلاق تلك القافلة هو رافد من روافد، ومفردة من مفردات "أكاديمية الشعر العربي" وهي مؤسسة متخصّصة في تنمية الشعر العربي، ودعم دراساته التاريخية والمعاصرة ونشرها، وتأهيل أصحاب المواهب الشعرية والنقدية وتطوير قدراتهم، ودعم الشعراء والنقاد وتشجيعهم وتكريم المبرزين والمتميزين منهم، وعقد المؤتمرات والمنتديات والندوات والمحاضرات المتخصصة، وإصدار التقارير السنوية عن الحالة الراهنة للشعر العربي، وغيرها من أنشطتها وبرامجها المثرية.

بذلك التدشين انطلقت القافلة من محطتها الأولى، الكويت، قبل أن تتوجه إلى البحرين، بمشاركة باقة من أهم شعراء السعودية.من الكويت إلى البحرين، فقطر، والإمارات، وعمان... لم تتوقف تلك القوافل في دول الخليج العربي، بل واصلت احتفاءها بعام الشعر العربي، مؤكدة بذلك مكانته وجمالياته وتأثيره، وشعبيته الكبيرة التي تنتقل جيلا بعد جيل.فاتجهت إلى فرنسا، لتعرِّفَ العالم الغربي إلى هذا الفنّ الأصيل.

حملت القوافل الشاعرات والشعراء السعوديين، ومضت بهم في رحالها، حيث كانوا سفراء القافية والقافلة حقّا. ففي البحرين، وتحديدا في "مركز عيسى الثقافي"، شارك كلٌّ من: أحمد الهلالي، وسلطان السبهان، وشتيوي الغيثي، وهند المطيري، وهيفاء الجبري. وفي الإمارات وقطر وعُمان، كان سفراء وسفيرات الشعر السعودي: أشجان هندي، وإياد الحكمي، وسلطان الضيط، وشقراء مدخلي، وطلال الطويرقي، وكان هدف الجميع نشر المحتوى الثقافي والشعر السعودي،وإثراء المشهد الشعري بالمملكة والمنطقة العربية.

من أهم ما هدفت إليه قوافل الشعر السعودية الخليجية العربية تعزيز الثقافة الأدبية في المجتمع، وجعل الأدب جزءا من حياة الفرد، ومصدرا رئيسا للمعرفة

يجب علينا هنا ذكر القافلة العمانية السعودية، والقافلة المصرية السعودية. المنطلقة من قاهرة المعز، وعلى ضفاف شواطئ الإسكندرية- عروس البحر المتوسط – وفي الأقصر، تلك المدينة التي تحوي ثلث آثار العالم، والتي تتلو فيها حناجر الشعراء المصريين بأعذب القصائد مشاركين في فعاليَّاتها وإحياء الشعر العربي.

وحتى لا تواجه أكاديمية الشعر أو سفراء المملكة الشعريون أي صعوبات، تم الترتيب والتنسيق المبكر بين الأكاديمية، وهيئة الأدب والنشر والترجمة، لتسهيل الترتيبات والتجهيزات اللازمة كافة للخروج بهذه القوافل بمظهرها اللائق بمكانة المملكة الثقافية.إنّ عملا بهذا التنظيم الدولي الإبداعي لا بد من أن يترك آثاره الإيجابية ومخرجاته المتوافقة كليا مع المأمول والمرسوم له منذ الإطلاقة الأولى.

لا ينبغي في حال من الأحوال أن نغفل مدى المكاسب التي سوف يجنيها الوسط الثقافي السعودي بشكل خاص، والخليجي والعربي بشكلٍ عامّ، من أمسيات هذه القوافل التي تساهم في إنتاج وعي ثقافي وزخم أدبي وألق معرفي سيمتد أثره عابرا المحيطات والبحار ليبلغ جبال الأطلس، وأرض المليون شاعر موريتانيا على حافة الأطلسي في أقصى الغرب، وحدود جيبوتي والصومال جنوبا، وبغداد شرقا، وفي القلب منطقة الجزيرة العربية- المنبع والأصل- الذي نبتت فيه اللغة الأم، لغة القرآن الكريم.   

لعل من أهم ما هدفت إليه قوافل الشعر السعودية الخليجية العربية هو تعزيز الثقافة الأدبية في المجتمع، وجعل الأدب جزءا من حياة الفرد، ومصدرا رئيسا للمعرفة، واستعراض دور المملكة، وارتباطها بالشعر العربي، مكانـة وتاريخا وتأثيرا، وتوسيع دائرة التعاون الثقافي، ونقله من الإطار المحلي إلـى الإطار الدولي، مع إبراز المنتج الشعري السعودي على صعيد أوسع، وأن يكون الشعر هو الرابط الثقافي بين المملكة والدول الأخرى.

أخيرا ومع فرحتنا العارمة –كمثقفين- بهذه القوافل التي انطلقت من السعودية، فإننا نأمل من وزير الثقافة الدؤوب الأمير بدر إقامة مهرجانات وقوافل على مدار العام، ونقترح على وزارتنا إقامة مسابقات للفصحى بجوائز مليونية، حتى نكتشف في جيلنا، وفي الأجيال الصاعدة ما نصبو إليه، ذلك الذي يتمثل في تتويج القصيدة العربية بشعراء فصيحين يغدون سفراءها والمسافرين بها نحو اللغات والأمم، آملين بأن تستمر تلك الجهود الثقافية وتتطور وتُستكمل بمزيد من المشاريع والمبادرات الرائدة.

font change