تضطرب الجامعات الأميركية في استجابتها مع الحرب بين إسرائيل وحماس، فقد قام كبار المانحين لجامعة بنسلفانيا، بسحب دعمهم المالي، والحجة أن العمداء والأساتذة "لا يفعلون ما يكفي لمحاربة معاداة السامية" في الحرم الجامعي. المانحون بالطبع يؤيّدون إسرائيل، والحرم الجامعي المقصود به الطلاب الذين يرون مجازر إسرائيل في قطاع غزة، والتي لا تحصد سوى الأطفال والنساء، ويطالبون فقط بوقف القتل الجماعي للفلسطينيين، فيتحوّل طلبهم الإنساني إلى معاداة للسامية.
غضب المانحين الأثرياء من عمداء الجامعات وأساتذتها له ثلاثة مستويات، لكنها مستويات تؤدي جميعا إلى معاداة السامية، المستوى الأول هو الصمت على ما يجري، والذي يعني الكراهية لدولة إسرائيل، والمستوى الثاني هو الفتور الذي يوحي بعدم حسم وجهة نظر بين طرفي الصراع، أمّا المستوى الثالث الذي يعادل الدعوة إلى فناء دولة إسرائيل، فهو الدفاع عن الفلسطينيين المدنيين.
أعرب بعض الطلاب عن الخوف على سلامتهم في الحرم الجامعي، في حين أن آخرين، بما في ذلك طلاب القانون في جامعتي هارفرد وكولومبيا الذين انتقدوا سياسات إسرائيل، يخسرون عروض العمل. وقالت سوزان نوسيل الرئيس التنفيذي لمنظمة PEN America، وهي مجموعة مناصرة لحرية التعبير في الحرم الجامعي إن المؤسسات الجامعية تمر بلحظة صعبة للغاية. في حين قالت عميدة جامعة بنسلفانيا ليز ماغيل في بيان لها إنها تسمع غضبهم وألمهم وإحباطهم، وإن الجامعة تدعم التبادل الحر للأفكار، لكن لديها أيضا مسؤولية أخلاقية لمكافحة معاداة السامية.
يشعر خبراء التعليم العالي، بالقلق من عنف المانحين، وإذلالهم لعمداء الجامعات، بما يترك أثرا مروعا على التنوع الفكري في الحرم الجامعي
ومع أن ليز ماغيل لم تذكر بشكل مباشر سبب غضب الطلاب وألمهم وإحباطهم، وهو قتل الأطفال والمدنيين الفلسطينيين بآلة حرب الإسرائيلية، إلا أن أكبر المانحين، جون ميد هانتسمان، رجل الأعمال الجمهوري، وحاكم ولاية يوتاه سابقا، لم يعجبه حديث ليز ماغيل، لأنها قدّرت الغضب والألم والإحباط، فقال: "بعد التبرع بمئات الملايين من الدولارات للجامعة على مدى عقود، سوف نغلق دفتر الشيكات". أمّا جامعات فلوريدا فقد تلقتْ دعوات لمعاقبة الطلاب الذين شاركوا في مسيرات مؤيدة لفلسطين منذ اندلاع الحرب. ودعا النائب الجمهوري في ولاية فلوريدا، راندي فاين، إلى عقوبات تشمل طرد الطلاب، وأعضاء هيئة التدريس الذين يعبرون عن آراء معادية للسامية.
وأدتْ مسيرة في جامعة فلوريدا أتلانتيك إلى اعتقال ثلاثة أشخاص بعد اشتباك بين متظاهرين ومناهضين لهم. وأغلقتْ جامعة كولومبيا أبوابها ليوم واحد بسبب احتجاجات مماثلة. وقال النائب الجمهوري، اليهودي، راندي فاين، مرة أخرى، بنبرة أكثر يمينية: "اليهود ليسوا فقط في إسرائيل، بل هنا أيضا في فلوريدا، لا يشعرون بالأمان". وأعرب عضو الكونغرس جيسون توماس سميث، وهو جمهوري، عن تطلعه إلى إلغاء حالات الإعفاء الضريبي لبعض الجامعات، واستنكر إصدار 34 منظمة طلابية بجامعة هارفرد بيانا يُحمّل إسرائيل مسؤولية قتل المدنيين من النساء والأطفال الفلسطينيين.
انتقد الطلاّب الفلسطينيون والعرب المعايير المزدوجة التي تتعامل بها الجامعات في القضايا الساخنة، بحسب هوية الطلاب. ودان رئيس جمعية الطلاب المسلمين، بجامعة كولومبيا، فشلها في إصدار بيان تدين فيه الإسلاموفوبيا، مثلما أصدرتْ بيانا مبكرا منذ بداية الحرب، دانت فيه العداء للسامية. بينما قال ملياردير صناديق التحوط، كليف أسنيس، اليهودي: "لا أحب أن أفعل ذلك، لكن يبدو أن المال هو الطريق الوحيد". وبالفعل قطع تعهدا بمنحة مالية، مدتها خمس سنوات، عن جامعة بنسلفانيا العريقة UPenn.
يشعر خبراء التعليم العالي، بالقلق من عنف المانحين، وإذلالهم لعمداء الجامعات، بما يترك أثرا مروعا على التنوع الفكري في الحرم الجامعي، وعلى حرية التعبير، والنقاش حول وجهات النظر المتعارضة. لن يرضى المانحون عن الجامعات إلا إذا واجهت إداراتها الطلاب المؤيدين لحق الشعب الفلسطيني في الحياة على أرضه، مواجهة من المسافة صفر.