لم أحبه رساما له العديد من الرسوم المنتشرة بين المتاحف العالمية. الألماني الذي يضعه البعض في مستوى زميليه الألمانيين أنسلم كيفر وغيرهارد ريشتر. الثلاثة يعتبرهم الكثير من نقاد الفن في العالم من أهم ذخائر الحداثة الفنية في العالم اليوم. لم تعجبني اللوحة التي كان يصر على عرضها مقلوبة. وقد عُرف جورج بازيليتز (1938 سكسونيا) بذلك الأسلوب في العرض. لكنني أعجبت بمنحوتة له كنتُ رأيتها في قاعة "وايت كيوب" بلندن قبل سنوات. لا تُذكّر تلك المنحوتة برسومه. بازيليتز نحاتا هو غيره رساما إذا. فهو تشخيصي في رسومه أما في النحت فيميل إلى التجريد مع إبقاء شيء من التشخيصية في بعض منحوتاته.
هذا ما كان بارزا في المعرض الذي تقيمه حاليا قاعة "سربنتين" بلندن للنماذج الخشبية لأعماله النحتية التي صُبّت في ما بعد بالبرونز وقد عُرض أحد تلك الأعمال البرونزية في الحديقة، خارج القاعة. كان ذلك العرض فرصة عظيمة للتعرف اليه نحاتا كما أحب. لكنها كانت أيضا فرصة لإعادة تعرفي اليه رساما. ذلك لأن المعرض احتوى على تخطيطات أوّلية للمنحوتات، كما تخيلها وكما رغب في أن ينفذها في مراحل مختلفة من تخيله لها ومن قيامه بتنفيذها.
بازيليتز نحاتا أصعب من كونه رساما. ذلك لأنه، وهو يتأمل منحوتاته، يضطر إلى التفكير في مصير الإنسان وهو يواجه حلقات متلاحقة ومتداخلة من سيرة وجوده وسط الطبيعة. الإنسان، ماضيه ومستقبله، من غير المرور بحاضره، هو الموضوع المفضل لهذا الفنان الذي يصر على استعراض قدرته على تنفيذ أعماله الضخمة بيديه من غير الاستعانة بالآخرين إلا في عمليات صب البرونز.