قبل ستة أشهر من توليه الحكم، تحدث النائب الشاب جون كينيدي أمام تجمع صهيوني في فندق ستاتلر هيلتون في نيويورك قائلا يوم 26 أغسطس/آب 1960 قائلا: "إسرائيل ستصمد وتزدهر، إنها طفل الأمل وموطن الشجعان. لن تكسرها الشدائد ولن تحبطها، لأنها تحمل درع الديمقراطية وفي عهدتها سيف الحرية". بعدها بأشهر استقبل الرئيس جون كينيدي رئيس وزراء إسرائيل ديفيد بن غوريون في البيت الأبيض ووصفه بالصديق القديم.
وفي مؤتمر رئاسي يوم 15 مارس/آذار 1961، أُعلن رسميا عن خط اعتماد لإسرائيل بقيمة 25 مليون دولار، من مصرف التصدير التابع للحكومة الفيدرالية الأميركية. وعندما علم الرئيس كينيدي أن إسرائيل تبني مفاعلا نوويا في مدينة ديمونة، لم يعترض وقرر التعامل معه ببرودة أعصاب، قبل أن يرفع الحظر على بيع السلاح إلى إسرائيل ويوافق على تسليمها أسلحة متطورة، مثل صواريخ أرض- جو الشهيرة "هوك" (MIM-23 Hawk).
وعلى الرغم من علاقته المتينة مع تل أبيب إلا أنه تمكن أيضا من إقامة علاقة طيبة للغاية مع معظم الدول العربية، مستغلا محبة الجميع له. رحب القادة العرب بانتخابه رئيسا للولايات المتحدة وجميعهم ذهل عند سماع نبأ اغتياله في 20 نوفمبر/تشرين الثاني 1963.
في الذكرى الستين لاغتيال الرئيس جون كينيدي، تفتح "المجلة" ملف علاقته بالوطن العربي. وفي السياق تجدر الإشارة إلى أن كينيدي لم يتمكن من إبرام أي اتفاق سلام في الشرق الأوسط كما فعل جيمي كارتر وبيل كلينتون من بعده، ولكن عهده القصير لم يشهد في الوقت نفسه أي حرب إقليمية بين العرب وإسرائيل.
وكان كينيدي أول رئيس أميركي منذ هاري ترومان، والأخير لغاية جيرالد فورد، الذي لم تشهد ولايته حربا إقليمية؛ فقد عاصر ترومان حرب فلسطين الأولى سنة 1948 ودوايت آيزنهاور شهد وأوقف حرب السويس في 1956. وكان ليندون جونسون في البيت الأبيض يوم اندلاع حرب يونيو/حزيران عام 1967، وتبعه الرئيس ريتشارد نيكسون في حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973.
يوم دخل جون كينيدي البيت الأبيض في 20 يناير/كانون الثاني 1961، تفاءل القادة العرب وظنّوا أن بإمكانه إحداث تغيير حقيقي وإيجابي في منطقتهم. الرئيس كينيدي كان قد زار فلسطين مرتين قبل توليه الحكم (كانت الأولى عام 1931) ولم يُخف انتقاده العلني لسياسات فرنسا الاستعمارية في الجزائر. وقد اختار أشخاصا لإدارته معروفين بمواقفهم الداعمة لمزيد من الانفتاح على الدول العربية، مثل وزير الخارجية دين راسك، ومستشار الأمن القومي ماكغورك بندي، وسفيره في القاهرة جون بادو.
وقبل توليه الحكم كان كينيدي قد دعا لإنشاء صندوق خاص بمنطقة الشرق الأوسط، يكون تحت إشراف مشترك من الأمم المتحدة والبنك الدولي، بهدف دعم الدول العربية الفقيرة ومنعها من الوقوع تحت تأثير وهيمنة الاتحاد السوفياتي. وفي الوقت نفسه، سعى للحفاظ على علاقة بلاده التاريخية مع حلفائها الإقليميين، وفي مقدمتهم السعودية والأردن.