من المرجح أن تتجاوز الهزات الارتدادية لحرب غزة كلا من إسرائيل وفلسطين لسنوات قادمة، لتصل إلى السياسة الداخلية الأوروبية والبريطانية، فيما قد تدفع الولايات المتحدة إلى إعادة تقييم ما إذا كان انسحابها الاستراتيجي من الشرق الأوسط خطوة حكيمة.
أما في المجتمع الدولي الأوسع، فقد بدأنا نتعلم الدروس من الصراع، مع تركيز خاص على أهمية إحياء عملية السلام الإسرائيلية- الفلسطينية. وفي الآونة الأخير أكد الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، وحتى البابا، على التزامهم بحل الدولتين، مما يشير إلى أنهم قد يدفعون في هذا الاتجاه مرة أخرى بعد انتهاء الحرب في نهاية المطاف.
بيد أن هناك درسا آخر أوسع نطاقا ينبغي تعلمه. فاندلاع الحرب في غزة يرجع في جزئه الأكبر إلى إهمال الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني طيلة العقود الأخيرة. وعلى الرغم من موافقة المجتمع الدولي على السعي إلى حل الدولتين في التسعينات، فإن عملية السلام لم تحقق نتائجها؛ فالحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وعلى الأخص تلك التي قادها رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو، أبدت اهتماما بإدارة الصراع أكثر منها بحل هذا الصراع. ومع تراجع العنف إلى حد ما وغياب أنباء الصراع عن عناوين الأخبار الدولية، بات القادة الغربيون على الأخص في حالة تواطؤ مع إسرائيل في رغبتها بتهميش الصراع بدلاً من حله، بينما يغضون الطرف في الوقت نفسه عن الضغوط المتزايدة المفروضة على الفلسطينيين الغاضبين.