الحرب على غزة مستمرة، ومشاهد العدوانية العبثية الإسرائيلية تفوقت على كل مجازر وجرائم الحرب التي ارتكبت على امتداد النزاعات التي عرفتها الدول منذ القرون الوسطى حتى اليوم، بل عبر عصور غابرة سطرت أحداثها أساطير ومدونات لم نستطع تبيان حقيقتها.
همجية إسرائيلية وُضعت في خدمتها أكثر التقنيات العسكرية حداثة، وسط عجز دولي يعبّر عنه صمت فرضته قوة أميركية قاهرة ألزمت حكوماته على تعليق الاستجابة لكل القيم الأخلاقية والإنسانية التي ادّعى حمايتها، بانتظار تحقيق شروط الإخضاع التي لم تستكمل، رغم التدمير والقتل الجماعي.
لم يقوَ كل ما ارتكب بحق الشعب الفلسطيني في غزة وسواها حتى الآن على استئصال أو حتى على التفوق على الخوف الكامن في نفوس كل المشاركين في ولادة وحماية إسرائيل، وليس ما يحصل سوى محاولة يائسة للقضاء على كل مؤشرات الحياة، سوى إمعان في السير بعكس الحتميات التي يفرضها تاريخ وسوسيولوجيا المجتمعات البشرية على مر العصور.
السكون الدولي البالغ حيال الجريمة المتمادية لم يخرقه حتى الآن سوى سيل الاحتجاجات الشعبية التي تعم الشارعين الأوروبي والأميركي- القادرين على إظهار المشاعر الإنسانية وربما مواقف سياسية رغم عجز الحكومات- وتبدّل في المواقف السياسية ظهرت بداياته على المستوى السياسي مع موقف رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز الذي أعلن التزامه بالسعي لتفعيل مسار سياسي عنوانه حلّ الدولتين، وموقف أيرلندي مطالب بوقف التمثيل الدبلوماسي مع إسرائيل، وموقف فرنسي لا زال محصورا في مطالبة إسرائيل بوقف قصف المدنيين دون المطالبة بوقف إطلاق النار.