ما إن بدأت آلة الحرب الإسرائيلية بضرب قطاع غزة، حتى اندلعت حرب شعواء على الوجود الفلسطيني عبر وسائل التواصل الاجتماعي، واشتداد الرقابة على الأثر الفلسطيني عبر الميديا، ومن ثم في الساحات العامة والأمكنة المفتوحة في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية. بعض الدول بدأت بالسعي إلى اجتثاث أي أثر للقضية الفلسطينية في الأماكن العامة والجامعات، بدءا من منع الكوفية كرمز للهوية الفلسطينية، وصولا إلى مضايقة، وفي بعض الأحيان سجن أو معاقبة، كل متعاطف مع الفلسطينيين أو مؤمن بقضيتهم ويحمل رمزا فلسطينيا كخريطة فلسطين أو علمها أو حتى صور الأطفال الذين قتلوا.
لم تنجح تماما محاولة قتل الرموز الثقافية للوجود الفلسطيني. إلا أن معارك لا تهدأ عبر العالم لرصد أي محاولة للتعبير عن الرأي تجاه القضية الفلسطينية، ومحوها عنوة عبر بعض وسائل التواصل. وهذا أثر مضافٌ لحرب الإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون في قلب وطنهم تحت صواريخ الاحتلال الاسرائيلي.
وفي حين لم يتبقّ للفلسطينيين في أرضهم الكثير ممّا يعبر عن تراثهم المادي، وذلك بعد سحق التراث العمراني والاستيلاء عليه، وطمس معالم مئات القرى والمدن الفلسطينية وتغيير معالمها التاريخية، إلا أن قدرة المجتمع الفلسطيني على إنتاج التراث المعنوي وبلوَرته وتأصيله عبر الوجود سواء في فلسطين التاريخية أو ما تبقى منها، أو في دول الشتات والمهجر، تمنح الثقافة الفلسطينية برموزها المعنوية أملا بحفظ التراث ونشره عبر العالم كأحد أهم الأشكال الإنسانية جمالا وإبداعا.