القاهرة: خمسون عاما مرّت على رحيل أحد أهم وأبرز أدباء العالم العربي ومفكّريه، وأحد أعلام التنوير في العصر الحديث، لقّب بـ "عميد الأدب العربي" وكانت سيرته الإنسانية والأدبية درسا حقيقيا للأجيال من بعده، بل ولا يزال أثره وتأثيره وكتابته وأفكاره حاضرة في الكثير من قاعات الدرس الأكاديمية للأدب في الجامعات العربية والعالمية.
ولد طه حسين في قرية الكيلو بمحافظة المنيا صعيد مصر عام 1889، وعلى الرغم من أنه كان كفيفا منذ الرابعة من عمره إلا أنه التحق بكتّاب القرية، وفوجئ معلموه بذاكرته القوية وقدرته على الحفظ والاستيعاب. حفظ القرآن الكريم في التاسعة من عمره، وانتقل إلى الأزهر بعد ذلك في 1902 حيث تلقى هناك علوم اللغة العربية والشريعة، وكان من أوائل من التحقوا بالجامعة الـمـصـرية (جامعة القاهرة اليوم) عام 1908 فدرس في كلية الآداب وحصل على الدكتوراه في أطروحة عن أبي العلاء المعري، وكانت هذه أول مواجهة بينه وبين علماء الأزهر، حيث أثارت الأطروحة انتقادات الكثير من المشايخ الذين رأوا فيها "انحرافا وخروجا عن تعاليم الدين الإسلامي"، وطالبوا على إثر ذلك بمنعه من الحصول على الشهادة الأزهرية الكبرى. بالتزامن مع ذلك حصل طه حسينعـلى مــنـحة من الجامعة المصرية لاستكمال دراسته في فرنسا، فسافر ودرس في كلية الآداب والفلسفة بجامعة السوربون وحصل على الدكتوراه هناك في أطروحة “الفلسفة الاجتماعية عند ابن خلدون” عام 1918، وهناك تزوج من السيدة سوزان بريسو التي كانت خير داعم ومساعد له للتعرف إلى الثقافة الغربية عن قرب، ومواصلة جهوده البحثية والعلمية.
عاد طه حسين إلى مصر 1919 أستاذا للتاريخ اليوناني والروماني بالجامعة المصرية، ثم عميدا لكلية الآداب عام 1928 إلا أنه لم يبقَ في هذا المنصب كثيرا، وتفرغ للكتابة والعمل في الصحافة، ثم عين وزيرا للمعارف في حكومة الوفد عام 1950.