لا تُبدي الأوساط المصرية حماسة كبيرة للممر الاقتصادي الذي يربط بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، والذي كُشف النقاب عنه خلال قمة مجموعة العشرين الأخيرة التي عُقدت في مدينة نيودلهي في الهند، بل إن هذا المشروع الذي سينشىء طريقا تجاريا موازيا لقناة السويس، ويربط أوروبا بالهند مرورا بدول الخليج العربي، كالمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، يثير مخاوف في مصر بشأن آفاق الممر البحري المصري، والذي يُعتبر أقصر طريق بين البحر الأحمر والبحر الأبيض المتوسط.
ويشعر المصريون، وحتى الناس في الشوارع، بالقلق من أن ممر الهند- الشرق الأوسط-أوروبا يمكن أن يقلل من الاهتمام بالقناة المصرية التي يبلغ طولها 193 كيلومترا، ولا سيما في ظل إجماع واضح في العواصم الغربية على الحاجة إلى التقليل ما أمكن من الاعتماد على الصين، خاصة الآن، في ظل هبوب رياح الحرب الباردة بقوة في هذه العواصم.
سيزيد الممر المحتمل الجديد من الأهمية الجيوستراتيجية لدول الخليج، ويضعها في صلب التجارة الدولية، ويُجبر القوى الكبرى على أخذ مصالحها في الاعتبار في عالم أصبح مُتعدد الأقطاب على نحو أكثر مع اشتداد التنافس بين القوى الكبرى يوما إثر يوم. ولكن الخوف يكمن هنا في أن الممر الجديد سيقلل من أهمية مصر الجيوستراتيجية، في وقت تعتمد فيه هذه الدولة العربية على قناة السويس بشكل أكبر لزيادة الدخل، وللتخطيط الاقتصادي المستقبلي.
تُعتبر القناة في الفكر السياسي المصري ركيزة الثقل الاستراتيجي والسياسي لهذا البلد، وتُلخص هدية الجغرافيا لهذا لمصر، ولكن المصريين دفعوا ثمنا باهظا لحفرها وحمايتها وتطويرها على مدار العقود الماضية.