ما يقارب 15 معرضا صغيرا أقيم لأعماله بعد وفاته، في حين لم يقم في حياته سوى معرض واحد. حدث ذلك في فبراير/ شباط 1973 قبل وفاته بثمانية أشهر. سعيد العدوي ابن الإسكندرية نام ولم يستيقظ وكان في الخامسة والثلاثين من عمره. تستعيده القاهرة اليوم إحياء لذكرى وفاته الخمسين في معرض شامل يضم 182 من أعماله الفنية توزعت بين التخطيط والحفر الطباعي والرسم (التصوير حسب التسمية المصرية) ويُقام في مجمع الفنون (قصر عائشة فهمي) بالزمالك.
"العدوي غياب مفاجئ وحضور دائم" هو عنوان المعرض غير المسبوق بسبب شموليته وسعته. ولكن ما الذي تعنيه إقامة هذا المعرض على المستويين المصري والعربي؟ بالتأكيد يحتل الفنان حيزا مهما في تاريخ الحركة التشكيلية المصرية، كونه داعية تجريب خرج بالفن المصري من إطار المزاوجة بين التراث الفرعوني والمشاهد الريفية إلى آفاق الفن الحديث، ولكنه على المستوى العربي كان مبشرا بأسلوب يستخرج من الحياة المباشرة مفرداته التي تستلهم قوتها من الانفتاح على التجارب الفنية العالمية.
كان العدوي ممثلا لجيل فني جديد. جيل صنع انقلابا في الرؤية وفي الوقت نفسه في طريقة التفكير في الفن. حين تنظر إلى رسومه لابد أن ترى من خلالها بدايات المغربي فريد بلكاهية والعراقي ضياء العزاوي. أشك أن الرسامين قد أطلعا على تجربته غير أنهما تعرضا للمؤثرت الفنية العالمية نفسها وكانا مثل العدوي يسعيان إلى الخروج من بوتقة البحث عن خصوصية محلية تركها الزمن وراءه.