مع انطلاق عملية "طوفان الأقصى" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ونجاح عناصر "حماس" في اختراق جدار غزة ومهاجمة المستوطنات الإسرائيلية، توجهت الأنظار إلى الجنوب اللبناني تترقب اختراقا وشيكا للحدود تنفذه مجموعات من "حزب الله" نحو الجليل المحتل.
قناعة مقاتلي غزة وجمهور "حزب الله" في لبنان وفي دول أخرى بحتمية تدخل "الحزب" في الحرب الدائرة على غزة، استندت إلى مبدأ "وحدة الساحات" الذي أعلنته "فصائل الممانعة" مرارا، كما استندت إلى تأكيد أمين عام "حزب الله" حسن نصرالله مرارا على أن "الحزب" يستطيع نقل المعركة إلى الداخل الإسرائيلي.
لم تكن الاشتباكات المتقطعة التي بدأت في مزارع شبعا وامتدت بعد ذلك على كامل الحدود كافية للإجابة على التساؤلات حيال حقيقة الموقف الذي تتخذه طهران من الحرب الدائرة في غزة، لا سيما بعد التأكيدات الأميركية على عدم وجود أي دليل على تورط طهران في "طوفان الأقصى". الموقف الإيراني الذي عبّر عنه وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان خلال زيارته لبيروت وبعدها في أكثر من عاصمة، لاقى الموقف الأميركي، وأكد في الوقت عينه على دعم "فصائل الممانعة" بقيادة "حزب الله" الذي يعود له تقدير مستوى الرد على ما يجري في غزة.
هذا وقد توالت المواقف الإيرانية التي وإن حذرت من تصاعد العنف في غزة والإشارة إلى إمكانية انفجار المنطقة، فإنها بقيت دون الإشارة إلى أي رد فعل إيراني حيال التدمير الإسرائيلي لغزة.
بدت الاشتباكات الحدودية اليومية في أكتوبر/تشرين الأول، بين "حزب الله" والجيش الإسرائيلي منذ بدء العمليات في غزة محكومة بتقييدات ميدانية منسقة ومنضبطة إلى أبعد الحدود، يعبّر عن ذلك بشكل واضح العمق المحدود للمواقع المستهدفة من قبل الطرفين، والذي لا يتجاوز كيلومترين، كما يعبّر عنها الالتزام المشترك العابر للحدود بمعالجة الأهداف العسكرية المباشرة فقط، والانضباط في استخدام المقذوفات والذخائر المناسبة، بما يفضي إلى الاستنتاج بأن إيقاع العمليات ليس سوى إسقاط ميداني لقواعد اشتباك سياسي تديرها إيران والولايات المتحدة، بما يتناسب مع الموقف الأميركي حيال طهران والموقف الإيراني حيال غزة.