سقف المعارك
أمام كلّ هذه المعاناة، هل للنزوح أجل مرتقب؟
وضع "حزب الله" قرار توسّع الحرب في ملعب إسرائيل. في الوقت نفسه، يتأكّد الانطباع عن سقوط "قواعد الاشتباك" في موازين المعارك التي خرقت إطار هذه القواعد، وحصدت على الأقل 11 مدنيّا ولم توفّر الصحافة، وتتلاحق أضرارها على البيوت والأراضي.
توطّد هذه العوامل انعدام يقين اللبنانيين، وترمي بمحنة النازحين في مدى غير منظور.
المعلوم في "قواعد الاشتباك" انحصار المناوشات في حدود الفعل وردّ الفعل بالحجم نفسه، والتزام الطرفين القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن الدولي بعد حرب 2006.
لكن اختراق القرار لا يمنع استعادة دوره في تجنيب لبنان حربا طاحنة.
هذا ما أكده لـ"المجلة" العميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ، المحامي البروفسور بول مرقص.
يذكّر بأنّ "القرار 1701 أتى بناء على توافق محلي إقليمي ودولي، وهو إن جُرّد من مفاعيله عندها يسقط بالمعنى السياسي والميداني وليس بالمعنى القانوني، حيث أنه يبقى ملزما ويُعتدّ به من قبل أي طرف يريد إنفاذ موجبات يتضمنها هذا القرار بوجه الطرف الآخر".
ويتابع أنّ عند خرق القرار مرارا من قبل اسرائيل أو حتى من أي طرف في لبنان فإنه بعد زوال الخرق أو حتى أثناء الخرق يبقى ملزما ولا حاجة لاستصدار قرار ثان بالمضمون عينه.
ويؤكدأنّ أي فشل في هذا المجال لا يعود الى القرار بمضمونه وآليته إنما بقدر كبير لعدم التزام الأطراف به، لا سيما إسرائيل وعدم إتمام مضمونه منذ صدوره وخصوصا لجهة انتشار الجيش اللبناني على نحو واسع وكامل إلى جانب القوات الدولية، مستنتجا "لا أستغرب في حال صدور أي قرار جديد عن مجلس الأمن الدولي أن يعيد تأكيد هذا القرار نظرا لأهميته في رسم قواعد الاشتباك في الجنوب اللبناني".
خطة الطوارئ مُعلّقة
في حين لا تتحكم السلطات الرسمية اللبنانية بالمعارك، بقيت "خطة الطوارئ الوطنية" مجالا لتحكّمها بما يمكن التحكم به في حال انزلاق لبنان لحرب شاملة. هذا الإطار من التدخل يستهجنه أهالي القرى الحدودية في الجنوب، معتبرين أنّه يستخف بالحرب الدائرة في مناطقهم وبمعاناة النزوح.
تستند الخطة إلى تجربة حرب 2006، وستنفذ تحت إدارة "اللجنة الوطنية لتنسيق مواجهة الكوارث والأزمات الوطنية لدى رئاسة مجلس الوزراء" و"لجنة التنسيق مع المنظمات الدولية" و"وحدة إدارة أخطار الكوارث".
لكن الخطّة وإلى جانب توقيتها المتأخر بالنسبة إلى معارك القرى الجنوبية، يحيط بها الغموض والعوائق، خصوصا في مصادر تمويلها وقيمته، وسط ترجيح الخبراء أن تعجز الدولة عن توفير التمويل اللازم سواء من خزينتها أو من الجهات الدولية.
في هذا المجال يستبعد الباحث في "الدولية للمعلومات" صادق علويّة أن تكون خطة الطوارئ الوطنية قابلة للتنفيذ، مشيرا لـ"المجلة" إلى أن "ما يمكن تأكيده هو استلزام الخطةتمويلا إضافيا يُقدّر بنحو 200 مليار ليرة، أي ما يقارب 2,339,000 دولار أميركي. واتخذ مجلس الوزراء المنعقد في 1 نوفمبر/تشرين الثاني القرار 21 القاضي بمشروع قانون لفتح اعتماد إضافي استثنائي بالقيمة المذكورة ضمن الموازنة العامة للعام 2023. لكن مجلس الوزراء أحال القرار على مجلس النواب على شكل مرسوم، وبالتالي يمكن اعتبار هذه الخطة معلّقة".
ويلفت إلى أن مجلس النواب اللبناني في الفترة الحالية لا يصدر قوانين منذ بدء الشغور الرئاسي باستثناء 6 قوانين صدرت في ظروف خاصة حكمتها الانقسامات الداخلية.
ويختصر الوضع قائلا إنّ 200 مليار ليرة لزوم خطة الطوارئ الحكومية لم تُقرّ عمليا، مما يعني أن أي احتواء حكومي للحرب بموجب خطة الطوارئ لا يزال حبرا على ورق.