تحدث مدير الأمن العام اللبناني السابق اللواء عباس إبراهيم، في الحلقة الثانية من حواره مع "المجلة"، عن بدايات الاحتجاجات في سوريا. وقال: "لا أفشي سرا إذا قلت إن الأمن العام اللبناني استمر منذ اليوم الأول إلى لحظة مغادرتي منصبي بالتنسيق على أعلى مستوى مع الأجهزة الأمنية السورية بما يحفظ أمن لبنان وأمن سوريا"، لافتا إلى أن دولا أوروبية بينها فرنسا "استفادت بشكل كبير من هذا التنسيق".
وكشف إبراهيم، أن لقاءات حصلت في مكتبه "مع أشد المعارضين السوريين لمحاولة إيجاد نقاط تواصل بينهم وبين السلطات". ورفض اتهامات وجهت إليه بتسليم معارضين سوريين إلى دمشق، قائلا: "أبدا أبدا، هذا ادعاء مردود ومرفوض... إما أن ننسق مع السلطات السورية لإلقاء القبض على إرهابيين إن كان في سوريا أو في لبنان فهذا موضوع أفتخر به. وإذا كان هؤلاء يعتقدون أن هؤلاء معارضون فأنا لا أشاركهم هذا الرأي أبدا".
إلى ذلك، قال إبراهيم إن "حزب الله" لم ينسق مع أحد على مستوى الدولة اللبنانية عندما قرر التدخل في سوريا، موضحا: "حزب الله كان مصدر معلومات مهما جدا بالنسبة إلينا لإحباط عدد من العمليات الإرهابية في الداخل اللبناني".
وهنا الحلقة الثانية:
* سيادة اللواء إبراهيم، تسلمت منصبك كمدير عام للأمن العام في مرحلة حرجة؟ كيف استطعت أن تحقق هذا التوازن في منصب حساس، في بلد هو لبنان، وفي منطقة هي الشرق الأوسط؟
- تسلمت منصبي في أغسطس/آب 2011. كانت الأزمة السورية في بداياتها، كان عمرها عدة أشهر. وكان هناك رهان كبير جدا في المنطقة والعالم على أن النظام السوري في حينها قد يصمد لشهرين أو ثلاثة أشهر. وكانت لي رؤية مختلفة كليا. لا شك في أن الأزمة السورية كانت التحدي الأكبر بالنسبة إلي عندما تسلمت مقاليد الأمن العام اللبناني، لأن انعكاسات هذه الأزمة كانت مرعبة بالنسبة للبنان. أنت أمام تحد كبير جدا أعاد خلط الأوراق في المنطقة، والأهم على المستوى اللبناني، المشكلة الأولى التي واجهناها هي موضوع النزوح السوري باتجاه لبنان. أن يكون الأمن العام اللبناني مهيأ في عمله الإداري لخدمة الشعب اللبناني المكون من خمسة ملايين إنسان، وأن يدخل إلى لبنان خلال أشهر مليونا نازح، ليس زائرا أو سائحا بل نازح، مع كل ما تعني هذه الأمور وتختزل من تحديات. كان هذا التحدي هو الأكبر بالنسبة للأمن العام اللبناني.
* كيف؟
- استطعنا امتصاص واستيعاب الموجة الأولى من النزوح في ظل قرار سياسي غير ثابت وضائع. استطاع الجهاز أن يواجه هذا التحدي من خلال السياسة التي وضعها بنفسه داخل دولة عاجزة عن القرار ما يجعل هذه السياسة محدودة بمفاعيلها. أما بالنسبة للتوازن الذي تفضلت وتحدثت عنه، فقد قلت في خطاب تسلمي الأمن العام كلمتين شهيرتين. أولا، الأمن العام يقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين. وما أؤمن به من قناعات سياسية هو بدلة أضعها خارج المكتب عند دخولي إليه، وعندما أخرج منه لي رأيي السياسي كأي مواطن لبناني. إنما كمدير للأمن العام سأكون على مسافة واحدة من "حزب الله" و"القوات اللبنانية".
ثانيا، قلت للموظفين إن المواطن هو صاحب حق عليكم وليس طالب خدمة، فلا تعاملوا المواطن الذي يطلب حقه منكم على أنه "زبون" في المديرية. بالعكس، هو صاحب حق وهو رب العمل. وضعت هذه السياسة وعملت على أساسها.
في الموضوع الأول، استطعنا أن نؤدي الأمانة على أكمل وجه على المستوى الإداري في المديرية، ومن ثم بعد القراءة في كتاب الصلاحيات في المديرية العامة للأمن العام، وجدت أن أحدا لم يمارس كامل هذه الصلاحيات. وإن شاء الله نكون قد مارسنا هذه الصلاحيات على وجهها الأكمل. العمل في الأمن العام يتصل بالأمن الاقتصادي، والأمن الاجتماعي، والأمن السياسي... الأمن العام يشارك في الأعمال أو التعديات الواقعة على أمن الدولة داخل لبنان وخارجه. الأمن العام له صلاحيات واسعة جدا. وأعتقد أنه انطلاقا من روحية هذه الصلاحيات والقوانين استطعنا أن نعمل بكل توازن.