عشرون عاما مرّت على وفاة الأديب المغربي محمد شكري ولا يزال اسمه حاضرا في المشهد الأدبي العربي، لاسيما عند الحديث عن أدب السيرة الذاتية، أو الروايات المحظورة والممنوعة، ذلك أنه استطاع من خلال كتابته الصادقة والمعبرة تماما عن نفسه وعن عالمه وما انطوى عليه من بؤس وقبح أن يحتل مكانا خاصا في هذا النوع من الكتابة، الذي يجمع بين التجربة الذاتية الواقعية والكتابة الأدبية الفنية.
عاش محمد شكري، المولود في إقليم الناظور شمال المغرب عام 1935 قبل أن ينتقل مع أسرته إلى طنجة عام 1942، حياة صعبة قاسية بكل ما تحمل الكلمة من معنى، فقد اضطر إلى الهرب من أبيه الذي كان يعامله وأخوته بقسوة، وظل مشردا فترة طويلة من حياته يبحث عن مكانٍ يأوي إليه يحميه من حياة الشوارع وما فيها من أخطار وموبقات، عمل صبي مقهى وهو في العاشرة من عمره، ثم حمالا وماسح أحذية وبائع سجائر المهربة، لم يتعلم القراءة والكتابة بالعربية إلا بعد أن تجاوز العشرين من عمره، حينها قرر أن يترك حياة التسكع والشوارع وأن ينتظم في دراسة رسمية في 1966 ونشرت قصته الأولى "العنف على الشاطئ" في مجلة الآداب البيروتية واعتبرت نقطة انطلاقه في عالم الأدب.
الخبز الحافي
ربما لم يفكّر شكري حينما بدأ بكتابة الأدب اعتمادا على سيرته الذاتية الشخصية أن مصيره ومعرفة الوسط الأدبي والثقافي به سيظلان مرتبطين بهذه الروايات الأولى، وتحديدا "الخبز الحافي" التي كتبها في 1972 ولكنها لم تنشر بالعربية إلا بعد ترجمتها إلى الإنكليزية على يد صديقه بول بولز، حتى نشرت بالعربية عام 1982 وأحدثت صدمة في المجتمع المغربي والعربي على السواء.