حيفا- هنالك فصل آخر من الحرب المدمرة التي تشنها إسرائيل على الفلسطينيين، من النهر إلى البحر، أي إلى وجه آخر طالما عانى من التعتيم والتهميش. وأعني معاناة العرب الفلسطينيين مواطني دولة إسرائيل من حالة غير مسبوقة من الملاحقة والتنكيل الذي تقوم به "دولتهم" في سياق تلك الحرب. إنها دعوة مفتوحة للانتباه لهذا الجانب من الصراع والعمل دوليا وإقليميا وفلسطينيا وداخليا– في إسرائيل- للعمل على وقف هذه الملاحقات واحترام المكانة القانونية- حتى لو منقوصة- للمواطنين العرب؛ رغم محاولة اليمين القومي والديني في إسرائيل تهميشها أو تقويضها كما حصل في إقرار "قانون أساس" بأن إسرائيل دولة قومية لليهود (2018).
يشكل العرب الفلسطينيون مواطنو إسرائيل نحو 20 في المئة من عموم المواطنين في إسرائيل، حصلوا على المواطنة بعد إعلان قيام إسرائيل عام 1948، والذي تخلل حالة طرد وتطهير عرقي واسعة ضد غالبية الفلسطينيين (النكبة) والتي قامت بها القوات اليهودية قبل إعلان الدولة واستمرت بها المؤسسات الأمنية الإسرائيلية بعد قيامها، وبذلك تشكلت حالة اللجوء الفلسطيني في دول عربية مجاورة. بينما بقيت الضفة الغربية تحت الحكم الأردني وقطاع غزة تحت الحكم المصري حتى حرب يونيو/حزيران 1967، عندما احتلت إسرائيل هذه المناطق.
تمسكَ معظم الفلسطينيين في إسرائيل بمواطنتهم، وبهويتهم الفلسطينية- العربية، وشكل هذا التمسك محورا مهما في تطلعاتهم وفي نضالاتهم السياسية والاجتماعية. وساهم ذلك في تعزيز صمودهم في وطنهم وفي تحقيق إنجازات فريدة، بحيث تحولوا تدريجيا إلى جماعة تمتلك مقومات وميزات تعليمية واجتماعية واقتصادية، تفوق نسبيا أية مجموعة عربية أخرى في العالم، وأستطيع القول إنهم نسبيا- ومقارنة بعددهم- أقوى مجموعة عربية وفلسطينية مدنية في العالم.