شكَّل طلب الانضمام إلى عضوية حلف شمال الأطلسي (الناتو) الذي تقدمت به السويد وفنلندا، واللتان كانتا تعتبران دولتين محايدتين تقليديا، أحد أهم التطوُّرات الناتجة عن الغزو الروسي لأوكرانيا. وكان من المتوقع في البداية أن تكون هذه الخطوة مسألة إجرائية واضحة نسبيا، إلَّا أنها تحوَّلت إلى مسألة سياسية معقَّدة.
ويتعين على جميع الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إكمال عملية الموافقة الوطنية على طلب العضوية المقدم من الدولة المرشحة قبل أن تتمكن تلك الدولة من الانضمام إلى الحلف.
وتدعم تركيا سياسة الباب المفتوح التي يتبعها حلف شمال الأطلسي (الناتو)، ورحبت بالطلبين الفنلندي والسويدي للحصول على العضوية، ولكن بشرط تخليهما عن تقديم الدعم المالي والسياسي لمنظمتين إرهابيتين، وهما حزب العمال الكردستاني المؤيد للأكراد ومنظمة فتح الله غولن، التي كانت وراء محاولة الانقلاب الفاشلة في عام 2016.
وعلى الرغم من أن فنلندا والسويد من بين الدول القليلة الداعمة لعضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي، إلا أنهما أعربتا أيضا بصراحة عن مخاوفهما بشأن معايير الديمقراطية في تركيا. كما فرض البلدان حظرا على تصدير المواد الدفاعية إلى تركيا.
ونتيجة لذلك، وضعت تركيا شروطا معينة للموافقة على طلبيهما الانضمام إلى الحلف. إلا أن تركيا ليست الدولة الوحيدة التي تواجه مشاكل مع طلبيهما، إذ اتخذت المجر الموقف نفسه الذي اتخذته تركيا، وذلك لأسباب مماثلة خاصة بها.
اقرأ أيضا: قصة مدينة واحدة وعاصمتين في جزيرة قبرص
وأتاحت المذكرة الثلاثية التي تعكس قبول الدول الطامحة للعضوية دعم تركيا ضد التهديدات التي يتعرض لها أمنها القومي، والتوصل إلى توافق في الآراء، حيث دُعيَت فنلندا والسويد في قمة حلف شمال الأطلسي التي عقدت في مدريد في صيف عام 2022 للانضمام إلى الأعضاء ووقِّعت بروتوكولات الانضمام الخاصة بهما.
ومنذ ذلك الحين، أكملت تركيا، إلى جانب جميع أعضاء الناتو، إجراءات انضمام فنلندا، إلى الحلف في أبريل/نيسان، لتصبح العضو الحادي والثلاثين فيه. أما السويد، فهي لا تزال تنتظر.
ورغم أنها عدلت دستورها ورفعت الحظر المفروض على تصدير المواد الدفاعية إلى تركيا، فإن أعضاء حزب العمال الكردستاني والمتعاطفين معه ما زالوا يحملون لافتاتهم ويتظاهرون في شوارع السويد.
وليزيد الطين بلة، أثار حرق الكتب الإسلامية المقدسة من قبل الجماعات اليمينية المتطرفة علنا في السويد غضب تركيا الشديد وتسبب في توتر خطير، كما أثار أيضا ردود فعل كبيرة من العالم الإسلامي. وكانت الحكومة السويدية سريعة نسبيا في اتخاذ التدابير اللازمة ومعالجة هذه المشكلة.
وفي يوم 23 أكتوبر/تشرين الأول، أحال الرئيس أردوغان بروتوكول انضمام السويد للناتو إلى البرلمان التركي لمناقشته، وربما الموافقة عليه.
وسيناقش بروتوكول الانضمام في اللجان البرلمانية المختصة، ومن ثم يخضع للتصويت في الجلسة العامة، حيث يشكل نواب حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه أردوغان وحلفاؤه العدد المطلوب من الأصوات للموافقة عليه.