منذ السابع من أكتوبر على غزة، أظهر جيش الاحتلال الإسرائيلي وحشية تجاوزت كلّ الحدود في التعامل مع المدنيين الفلسطينيين، فدمّرت المنازل على رؤوسهم، ومسحت أحياء سكنية بأكملها عن وجه الأرض. ولم يكن هذا القصف الوحشي يهدف فقط إلى ترويع السكان، بل إلى إجبارهم على الخروج من منازلهم، بهدف تفريغ شمال قطاع غزة، ومدينة غزة، من أهلها، ودفعهم – كخطوة أولى، إلى الفرار نحو جنوب قطاع غزة، ما بعد نقطة وادي غزة، من جهة الجنوب.
لم تلق الدعوات التهديدية التي أطلقها الاحتلال آذانا صاغية من السكان، على الرغم من عنف القصف على الأحياء السكنية في منطقة الشمال، وبقي معظم العائلات متشبثا بالبقاء، مجاهدا لإبعاد تكرار كابوس نكبة 1948، هم الذي سمعوا قصص أجدادهم، حول التهجير وترك الأرض للعدو، الأرض التي ظنوا يومها أنها قريبة، لكنها لا تزال محرّمة عليهم إلى يومنا هذا.
وبعد مرور أكثر من شهر على انطلاق الحرب، ازدادت قساوة الاحتلال، فاشتد التدمير والقصف العشوائي على منازل أهل شمال غزة ووسطها، مع حصار مستمر يحظر دخول البضائع لمنطقة شمال وادي غزة، مع دخول مساعدات قليلة من معبر رفح، لأهل جنوب قطاع غزة ومن نزح من شماله.