لبنان ومصر
-
ما الذي تبقّى في داخلك من لبنان ومصر بعد مرور كل تلك الأعوام؟
إن لبنان ومصر يقيمان في عقلي وقلبي. وأنا مرتبطة على نحو عميق بالناس فيهما وبالجغرافيا والحيوانات والأزهار والثقافة والموسيقى والميثولوجيا وطبعا بفن الطهي. واظبت دوما على إعداد كل الأطباق التقليدية أثناء تنقلاتنا وحملت في داخلي طعم التراب مع الألوان والنكهات والعطور المرتبطة بالذكريات التي حاولتُ إعادة خلقها في قصائدي.
-
أنت شاعرة ورسامة وقاصة وناقدة. ما الذي يعرّفك من بين كل هذه الأنواع الفنية والأدبية على نحو أفضل؟
أمضيتُ عقودا وأنا أطرح على نفسي السؤال نفسه. أحببتُ النقد الأدبي وفي الوقت نفسه لم أستطع التوقف عن الكتابة الإبداعية. مع مرور الوقت أدركتُ أن التنقل بين الأجناس لا ينطوي على تناقض لأنها تتلاقح. ولا أظن أن عمليات البحث منفصلة أو يمكن أن تحظى بالأولوية، على الرغم من أنني في الأعوام الأخيرة ركزتُ على كتابة الشعر. كنت متيمة دوما بالفن ودرسته بانتظام، وانكببتُ في الأعوام الاثني عشر الماضية على الرسم بالفرشاة بالحبر الصيني.
-
كتبتِ قصائد ألهمتها اللوحات. كيف تصفين العلاقة بين النص الأدبي واللوحة؟
إن الرسم والشعر لا ينفصلان بالنسبة إلى الصينيين. إن البصريّ يثير خيالي، ولهذا تُلْهم الطبيعة والفن كتابتي، التي بدورها تميل إلى أن تكون مثيرة للذكريات وبصرية. ثمة حوار فني داخلي بين اللوحة وبين قصيدة درامية أو قصة توسّع معنى عمل فني وتأويله. تستحضر اللوحة غالبا عاطفة جمالية تثير ذكريات غير طوعية وحسية يمكن أن تُترجم إلى كلمات بينما تبدو بعض القصائد كأنها تطلب أن تُسلّط على قماشة رسم ويُعَبَّر عنها بضربات الريشة.
-
ما الذي يقدمه إلينا الشعر كقراء؟ ما الذي هناك في القصيدة لا نعثر عليه في الأجناس الأدبية الأخرى؟
إن الشعر قريب من الرسم. يستطيع المرء أن يشاهد عملا فنيا بلمحة واحدة أو أن يحدّق فيه لوقت طويل، كما يستطيع أن يقرأ قصيدة في جلسة واحدة أو أن يعيد قراءتها مرات عدّة. يولّد تشكّل القصيدة على الصفحة تأثيرات بصرية، ويبدو أن قصيدة النثر تتأطر كلوحة. ثمة فجوات وحالات صمت في الشعر كما هناك فضاءات بيضاء في لوحة تفتح أبوابها للتأويل. علاوة على ذلك، فالبعد الموسيقي والإيقاعي في اللغة الشعرية يخاطب إحساسنا الجمالي. ويساعدنا الشعر في تجاوز الواقع اليومي والسكن في عالم مواز يبنيه الخيال باستمرار. تسمح لنا القوة التحويلية للقصيدة بأن نعيد خلق أنفسنا وفهمها لأنها تعمل كمرآة نستطيع من خلالها أن نجسّد أنفسنا. ويجرب القراء بدورهم رؤية أنفسهم في هذه المرآة وهم يفسّرون القصيدة ويعاودون إبداعها بحسب ثقافتهم ومخزونهم العاطفي.
تراثان
-
تنتمين شعريا إلى تراثين: التراث العربي والتراث الأميركي. هل أثر كلاهما في كتابتك، أم أن شعرك ينتمي إلى التراث الأميركي فحسب؟
على الرغم من أنني أنتمي إلى التراثين العربي والأميركي، فقد كان هناك المزيد من التأثيرات على كتابتي. كنت أؤلف الشعر بالفرنسية قبل مجيئي إلى الولايات المتحدة وعلى الرغم من أن كل شعري كُتب بالإنكليزية منذ ذلك الوقت، فقد كتبت عددا من القصائد بالفرنسية والإسبانية ونُشرت في مجلات أدبية مرموقة.
-
الغوص في الطبيعة، واستقصاء الأماكن البعيدة واستكناه عوالم الجسد من المواضيع الواضحة في شعرك، أية إمكانات يقدمها هذا الى القصيدة؟
بالنسبة إليّ، إن الطبيعة هي المصدر الأساسي للنمو الروحي والإلهام. أنا أنتبه لمحيطي لكنني متأثرة بذكريات المشاهد الطبيعية والتضاريس الجغرافية السابقة. أحبّ استحضار العوالم الخيالية وكذلك كتابة قصائد شخصية وسوريالية. في مجموعاتي الشعرية، قصائد مكتوبة من وجهة نظر الشخصيات في اللوحات، أو وجهة نظر الفنان. ولأن ولائي هو للخيال أقول إن كتابة الجسد تقود إلى حرية التعبير وإلى تأويلات غير متوقعة أشبه بالحلم.