البحث عن أسئلة
-
حرصت في قصائدك على ألا تكرّر عوالم الماضي، فما الأسس التي تستند عليها في كل جديد شعري؟
أكثر ما يجعل الشاعر في أزمة هو أنه يظل مشدودا وقادما من الذاكرة الشعرية، من الإرث الشعري الكبير دون أن يضيف إليه، دون أن يأخذ النص إلى حياته اليوم، بكل ما فيها من مفردات وحيوات وتفاصيل جديدة، بل يظل رهينا لما أسميه النموذج أو الدرس الشعري ودون أن ينتبه إلى أن ذلك لا يقدّم شعرا يشبهه ويشبه حياته في نهاية الأمر.
كان الشاعر القديم يستخدم مفردات زمنه، وفي قصيدته تتجلى قضاياه وإشكالاته ويومياته وأحلامه وتلك الفضاءات التي لم يعد عالمنا بأسئلته الجديدة يحتملها ولا يحتفي بها، عالمنا الإلكتروني والتقني، وعالم الانفجار المعلوماتي والسيبراني إلى آخر مظاهر حياتنا الجديدة.
-
لماذا اخترت قصيدة النثر على وجه التحديد؟
وجدت في قصيدة النثر المتحررة أفقا أوسع وأقرب في شكلها من حياتنا ويومياتنا وزمننا، قصيدة التفاصيل والمعيش، التي يمكن مصادفتها في كل مكان، والتي قادتني لاكتشاف مدى امتلاء وجودنا بالشعر، من أصغر الأشياء حولنا، إلى ما لا نهاية، وفي تجربتي كنت في قلق دائم لمحاولة الوصول إلى قصيدة تشبهني ذات بصمة واضحة ومختلفة، حتى بين تجربة وأخرى لي، أحاول أن أنقلب على نفسي في كل مرة من خلال البحث عن أسئلة جديدة.
-
أصدرت "30 حاسة جديدة - مختارات قصيدة النثر السعودية" كيف قمت بعملية الاختيار؟
ضم الكتاب مجموعة مختارة من القصائد التي اخترتها من ضمن مشروع قصيدة النثر على "فيسبوك"، لذا لم تشمل المختارات كثيرا من التجارب المهمة أيضا، بل جمعت بعض التجارب في هذه القصيدة الجديدة منذ جيل السبعينات والثمانينات وحتى السنوات العشر الأخيرة.
-
هل تعتقد أن لتجربة قصيدة النثر السعودية خصوصية معينة؟
لحظة العالم الشعرية متشابهة اليوم، بفضل هذه القرية الكونية التي نعيش بين أزقتها الإلكترونية. قد تتشابه مع شاعر صيني أو برازيلي وتتقاطع معه في الموقف من حدث أو شعور ما، فهي لحظة كونية واحدة، وهموم مشتركة تسود العالم في لحظة إلكترونية وتقنية واحدة، وأحيانا في أزمة صحية كما حدث خلال أزمة كوفيد19. لذا أجد أن البحث عن قصيدة سعودية أو مغربية أو مصرية، لم يعد مما يشغل الشعر على الأقل في وقتنا الراهن.
مساحات مختلفة
-
أسست قبل سنوات ملتقى "مدد" على الإنترنت، فهل اعتبرته بديلا عن المنتدى الأدبي والثقافي؟
تجربة ملتقى "مدد" تجربة ثرية وممتعة ومن خلالها وبرفقة أصدقاء الإبداع تفتحت نوافذ فسيحة على المعرفة والجديد في عالم الإبداع طيلة ما يقارب عقدا من الزمن، هذا امتداد خلق تراكما مبهرا وأفكارا جديدة على الدوام، أولا بوجوده ضمن قالب جديد ومع مبدعين يعون تلك اللحظة الإلكترونية الفارقة، وثانيا لأنه كان مشروعا للجميع، وهذا حقق في ما بعد انطلاق ملتقى مدد على أرض الواقع، ولا أنسى أن وجوده وغيره من الملتقيات على الإنترنت، احترم رغبة المبدع وسقفه العالي في ظل عدم وجود ذلك في قنوات الإبداع الأخرى.
ألغت المنتديات الأدبية بشكل عام فكرة المركز والأطراف في الثقافة والإبداع، وبالتالي ألغت فرضية التأثر بآداب الآخرين مثلما كانت مطروحة في أزمنة ما قبل المنتديات، فضلا عن كون المنتديات الأدبية السعودية كانت الأكثر شهرة واستمرارية، كان المنتدى يقوم على انضمام عدد من الأعضاء الراغبين في الكتابة الأدبية أو التفاعل النقدي أو القراءة، وغالبا ما كان الأعضاء من البلدان العربية كافة، وصولا إلى أوروبا وآسيا. ولعل فكرة "مدد" تعود في شكل آخر يوما ما.