لا تدعي هذه المقالة المختصرة قدرتها على شرح موقف المملكة الرسمي فهذا مسطور في بيانات الدولة السعودية الرسمية إنما هي محاولة متواضعة مني لتقديم قراءتي الشخصية لسياسة المملكة العربية السعودية تجاه هذه الحرب الوحشية الإسرائيلية على غزة والكارثة الإنسانية التي نشهدها بما يتفق مع المنطق والحق والمصلحة.
لا يوجد للمملكة العربية السعودية موقف سري وآخر علني من الحرب المعلنة على الشعب الفلسطيني في غزة، وما يقوله مسؤولوها أمام الكاميرات هو ما يقولونه في الاجتماعات المغلقة مع قادة دول العالم بمن فيهم الولايات المتحدة، والدول الغربية.
ينطلق موقف المملكة من حرب إسرائيل على الشعب الفلسطيني في غزة من عدد من المبادئ الأخلاقية والعربية والإسلامية، وهذه المبادئ منسجمة مع تطلعات شعبها ومصالحها كقوة إقليمية تتمتع بتأثير كبير على الاقتصاد العالمي، وهو ما يفرض على القوى العظمى الإصغاء لها، وأخذ ما تقوله بشكل جدي وهي تصوغ سياساتها تجاه المنطقة.
إن من الطبيعي أن تقف المملكة مع الشعب الفلسطيني المظلوم في غزة وفي الضفة الغربية، فهذا الشعب تعرض لغبن شديد وتهجير في العام 1948 ومن ثم وقع ما بقي من وطنه تحت الاحتلال الإسرائيلي في العام 1967. ورغم قبوله العيش في دولة مستقلة إلى جانب دولة إسرائيل، إلا أن الأخيرة استمرت- وفي ظل الدعم الغربي غير المشروط وغير المحدود لها- بإقامة المستوطنات وتهويد القدس الشرقية ورفض أية عملية سياسية ذات معنى توصّل إلى سلام عادل يحقق الأمن والسلام والاستقرار لها ولشعوب المنطقة.
لقد وقفت المملكة مع الشعب الفلسطيني في زمن النكبة، وعندما حارب لاستعادة حقوقه، ودعمته عندما قرر التفاوض مع إسرائيل. وعندما انهارت مفاوضات كامب ديفيد العام 2000 تقدمت المملكة بمبادرة سياسية للسلام دعما له تبنتها الدول العربية في قمة بيروت العام 2002.