غزة تحسم قضية فلسطين. إن المآلات التي تنتهي إليها الحرب بين إسرائيل و“حماس”، ستترك أثرا كبيرا في مستقبل الفلسطينيين وإسرائيل ومنطقة الشرق الأوسط.
في العدد السابق تناولنا، في “المجلة”، أبعاد هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، و“المفاجأة” التي أوقعتها في إسرائيل. ونخصص قصة الغلاف لشهر نوفمبر/تشرين الثاني، لتقصّي “اليوم التالي” في غزة، وأبعاد الحرب ونتائجها من جميع الجوانب المتعلقة بأفق السلام ومستقبل القضية والشعب والنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي، والتداعيات الإقليمية. وأخترنا التركيز، عبر خبراء وصحافيين، على مسارات محددة للمرحلة المقبلة:
بادئ ذي بدء، التوقف عند نيران الحرب ولوعة التهجير وحملة القصف الإسرائيلية المكثفة على غزة وبنيتها التحتية والطبية، قُتل وجرح فيها آلاف المدنيين، ودُفع أكثر من نصف السكان البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة للنزوح إلى جنوب القطاع. لا شك أن استمرار كرة النار ولدغات الرعب، سيفاقم جروح المدنيين. لكنه أعاد، في الوقت نفسه، إحياء مشروع قديم لدى بعض المسؤولين الإسرائيليين بتهجير مئات الآلاف إلى سيناء المصرية.
مشروع التهجير، أيقظ لدى الفلسطينيين والعرب “سيناريو النكبة” عام 1948، عندما دُفع الناس للجوء مع مفاتيح بيوتهم ودفاتر ذكرياتهم وآهاتهم إلى مناطق ودول مجاورة. إحياء المشروع الجديد- القديم، قوبل بقمم ولقاءات عربية للتنسيق لوأده في مهده. الطموح، أن تقف دول رغم حروبها الأهلية ونكباتها الاقتصادية، سداً ضده، مقابل حملة إسرائيلية منظمة لكسب دعم غربي عبر الضغوط والإغراءات على دول مجاورة لقبول اقتلاع الناس من أرضهم ورميهم في مجهول الصحارى وربما في “قوارب الموت”.
الأوضاع في الضفة الغربية على فوهة بركان. وفي حال تطاير لهيبه، فإن المرحلة الأولى في الضفة، ستقابل بتعاضد الآلام والخيبات، لكن لن يطول ظهور شقوق الخلافات في السلطة وأجهزة الأمن و"فتح"
الترقب الثاني هو زلزال الضفة الغربية. وأمام تدفق مشاهد القتل في غزة، وضيق الأوضاع الاقتصادية والحصار الإسرائيلي، وتهديدات المستوطنين وسلاحهم وحملة الاعتقالات، الأوضاع على فوهة بركان. وفي حال تطاير لهيبه، فإن المرحلة الأولى في الضفة، ستقابل بتعاضد الآلام والخيبات، لكن لن يطول ظهور شقوق الخلافات في السلطة وأجهزة الأمن و"فتح"، خصوصا مع تنامي سؤال خلافة رئيس السلطة محمود عباس.
كل هذا سيشكل تهديدا على الأردن، خصوصا مع وجود أعضاء في الحكومة الإسرائيلية الحالية يحملون برنامج التهجير وتفجير أسس أي هيكل فلسطيني، حيث يجد هؤلاء "فرصة تاريخية" في "نكبة جديدة" وخوض "حرب استقلال ثانية".
مع لهيب القطاع والضفة، لا بد أن تصل الشظايا إلى إسرائيل. من جهة، هناك توقع بتنامي الجدل الإسرائيلي حول المسؤول عن "مفاجأة" أكتوبر/تشرين الأول والفشل الرهيب بالتوقع والاستجابة والردع. التوحد تحت مظلة "الخطر الوجودي"، سيخضع لاختبارات كثيرة بعد بدء وصول جثث الجنود والأسئلة عن مصير عشرات الأسرى لدى "حماس". ومن جهة ثانية، هناك اختبار جديد لفلسطينيي إسرائيل الذين يشكلون 20 في المئة.
نقل وسطاء كثر رسائل تحذير إلى طهران و"حزب الله". كما أن أميركا أرسلت قطعا عسكرية ضخمة إلى البحر المتوسط
بالتوازي مع كل هذا، وهو غير قليل، يبقى اتساع الحرب اقليميا أمرا مقلقا وملحا. ورغم الهجمات التي شنتها تنظيمات تابعة لإيران، في سوريا والعراق واليمن ولبنان، على مصالح أميركية أو إسرائيلية، فإن السؤال يبقى عن قرار إيران بفتح "حرب شاملة" أو جبهة جنوب لبنان. نقل وسطاء كثر رسائل تحذير إلى طهران و"حزب الله". كما أن أميركا أرسلت قطعا عسكرية ضخمة إلى البحر المتوسط. ردت باستهداف تنظيمات إيرانية في سوريا بالتوازي مع قصف إسرائيل لمطاري دمشق وحلب عدة مرات. بمعنى آخر، عادت أميركا إلى الشرق الأوسط الذي أرادت الخروج منه قبل سنوات. ونعرض في الملف، أولويات أميركا في المنطقة، الخاصة بأمن إسرائيل. كما نعرض الفرق بين وضع "حزب الله" في حرب 2006 ووضعه في 2023.
المفتاح هو الوضع الميداني في غزة و"اليوم التالي". ما تريده إسرائيل، بات معروفا. والغطاء الغربي لها متوفر. هناك افتراض بأن "حماس" ستهزم عسكريا وتفكك تنظيميا. مقترحات كثيرة لما سيحصل لدى توقف صوت القنابل
هذه المسارات جميعا، تعرضها أقلام خبيرة مغموسة بحبر المعرفة. المفتاح لها جميعا، هو الوضع الميداني في غزة و"اليوم التالي". ما تريده إسرائيل، بات معروفا. والغطاء الغربي لها متوفر. هناك افتراض بأن "حماس" ستهزم عسكريا وتفكك تنظيميا. مقترحات كثيرة لما سيحصل لدى توقف صوت القنابل. إعمار القطاع ونشر قوات شرطة أو مراقبة عربية وتشكيل إدارة لحكم القطاع قد تساهم بها السلطة الفلسطينية أو مؤسسات أممية ووجهاء محليون. وفي هذا الملف، يقدم المبعوث الأميركي السابق جيمس جيفري تصوره لــ "اليوم التالي".
في هذا العدد، كلمات على وقع نزيف غزة وجروح أهلها ونهر من القلق في عروق النازحين وخطط لشرق أوسط جديد، ورهانات على بزوغ السلام من الركام، ورسائل تحذير وطمأنة بين "اللاعبين".
التاريخ سيقرر في أي صفحة يضع هجمات 7 أكتوبر، وبصمتها على قضية فلسطين والفلسطينيين.