برلين: يعتبر الفنان التشكيلي السوري زهير حسيب واحدا من أبرز الفنانين المعاصرين خلال العقود القليلة الماضية.
يقضي حسيب معظم ساعات النهار في مرسمه بمنطقة الصبورة قرب دمشق، مواصلا منذ أكثر من ثلاثة عقود إنجاز مشروعه الفني دون صخب أو ضجيج أو ادعاء، معتبرا أن الاستنجاد ببريق اللون هو الردّ الأمثل على قتامة الحياة. ولئن استطاع حسيب، المولود في الجزيرة السورية عام 1960 لأسرة كردية، أن يحجز لنفسه مكانة مرموقة ضمن المشهد التشكيلي السوري الراهن، فذلك لا يعود إلى مهاراته في العلاقات العامة، أو إتقانه لعبة "الغاليريهات" والاعلام و"السوشال ميديا"، بل، فقط، بسبب إخلاصه لسخاء اللون وفتنته وسحره.
أصدقاء وفنانون وكتاب كثر غادروا دمشق، في السنوات الأخيرة، لكن حسيب - الذي ظل محروما من جواز السفر السوري لعقود، وحصل عليه بعد بدء الأزمة السورية وازدياد الضغوط على السلطات التي اضطرت إلى منح الجنسية لمئات الآلاف من الأكراد كنوع من تنفيس الاحتقان - آثر البقاء في دمشق، مهتديا بقصيدة لمحمود درويش "في الشام، أَعرفُ مَنْ أنا وسط الزحام/ يَدُلّني قَمَرٌ تَلأْلأَ في يد اُمرأةٍ... عليَّ/يدلّني حَجَرٌ تَوَضَّأ في دموع الياسمينة ثم نام".
وهذا التصور ليس مجرد تهويمات رومانسية، بل قناعة، فوفقا لحسيب يتعين على الفنان أن ينتمي الى بيئته وجغرافيته الأولى، وإلى تفاصيل الجمال المحلي رغم الألم والقهر التاريخي، معتبرا أن ذلك قد يشكل بوابة للعالمية، أما الانصياع لذائقة الآخر، و"الرسم تحت الطلب"، فلا ينتج فنا صادقا. وهو، كذلك، يعارض "أدلجة الفن"، ذلك أن الفنون أكثر رحابة من تأطيرها ضمن قوالب سياسية ودعائية، فالفن الحقيقي، حسب رأيه، هو القادر على تخطي الحواجز السياسية والأخلاقية والجغرافية والإجتماعية ومخاطبة الإنسان في كل زمان ومكان.