منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحركة "حماس"، تدير إيران معركة سياسية ودبلوماسية مركبة ومتشابكة العناوين والأهداف، ذلك يجعل المواقف الإيرانية من الحرب أحد أبرز تعقيداتها، ولا سيما أنها مواقف متحركة بحسب تطورات المعركة ومسارات المفاوضات المتصلة بها. لكن الثابت والأكيد أن إيران حافظت منذ البداية على مساحة واسعة من الغموض حول مدى استعدادها للانخراط في الحرب، وبالتحديد عبر وكلائها في المنطقة.
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان الذي يكاد محرك طائرته لا ينطفئ وقد تنقل في أقل من أسبوع بين نيويورك وأنقرة والدوحة، تلامس مواقفه أحيانا حدود التناقض، لكنه تناقض لا يخرج عن إطار استراتيجية الغموض التي تتبعها إيران إزاء الحرب، ويمكن تلخيص مواقفه بثلاث نقاط متداخلة:
1- يقول عبد اللهيان إن إيران لا تسعى إلى اتساع الحرب، لكنه يرفض حسم عدم مشاركتها في قتال إقليمي أوسع، ويؤكد في المقابل أنّ على الولايات المتحدة أن تسعى إلى وقف الحرب في حال كانت لا ترغب في اتساعها.
2- إضافة إلى نفيه مسؤولية طهران عن هجوم "حماس" يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول، نفى عبداللهيان أيضا أن تكون طهران المزوِّد الأساسي لترسانة "حزب الله"، و"حماس"، و"الجهاد الإسلامي"، وقال إن تلك الجماعات تصنع أسلحتها منذ سنوات. ونبه من أن ربط إيران بأي هجوم في المنطقة ضد المصالح الأميركية من دون تقديم دليل هو أمر "خاطئ تماما". كما نفى أي تدخل في قرارات "مجموعات المقاومة" التي تأخذ قراراتها "بالتناسب مع المصالح والتطورات". لكنه حذر في الوقت نفسه من أنه إذا واصلت أميركا سياستها الخاطئة، فإن هناك إمكانية لفتح جبهات جديدة ضد إسرائيل وتوسيع الحرب في المنطقة.
3- دعا إلى اغتنام آخر الفرص السياسية لوقف التصعيد، لأنه إذا لم يصل الحل السياسي إلى نتيجة، فمن الممكن أن تصل المنطقة إلى نقطة الانفجار في أية لحظة، وساعتذاك "انفجار برميل البارود (في المنطقة) قد يكون أمراً لا مفرّ منه". وعما إذا كان هناك احتمال لاندلاع مواجهة مباشرة بين إيران والولايات المتحدة، قال إن الجماعات التي أُنشئت لمواجهة داعش في سوريا والعراق "ستتخذ القرار ضد أي تحرك يهدد أمنها في المنطقة".