لم يكن علم الدين صادق، من مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة، يعلم مسبقا ما ينتظره هو وعائلته بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، لكن بسبب عمله في المجال الصحافي، وتغطياته السابقة للحروب بين إسرائيل وقطاع غزة، أيقن ومنذ اليوم الأول للهجوم الإسرائيلي المستمر، أن الآتي أسوأ وأن ما ينتظرهم كفلسطينيين واقعين تحت الحصار منذ أكثر من 16 عاما لم يعهدوه من قبل.
يقول صادق (36 عاما)، وهو أب لثلاثة أطفال، أكبرهم عمره ست سنوات، إنه توجه، منذ اللحظات الأولى لإطلاق حركة "حماس" قذائف صاروخية على غلاف غزة، وتوالت الأخبار عن اجتياز مقاتلين من الحركة للسياج الحدودي شرقي القطاع، إلى مجمع ناصر الطبي في وسط خانيونس لتغطية مجريات الأحداث من هناك، إلا أنه وبعد ساعات وفور وصول سيارة إسعاف تنقل شابا مصابا من المنطقة الحدودية إلى بوابة الطوارئ، استهدفت طائرة استطلاع إسرائيلية سيارة الإسعاف، ما أدى إلى مقتل المُسعف والشاب المُصاب، فيما أُصيب عدد من الموجودين في المكان.
يشير صادق إلى أنه أيقن في تلك اللحظة مدى الوحشية الإسرائيلية، وأن القصف سيطال المدنيين والأطفال والنساء في منازلهم. ويقول: "إذا استهدفت سيارة إسعاف داخل المستشفى، فما الذي سيمنع الجيش الإسرائيلي من قتل المدنيين في منازلهم؟".
تفريق العائلات
على الفور، ترك صادق عمله، وخرج من المستشفى متوجها إلى منزله القريب، وفي لحظة عفوية ومن دون تفكير أو تخطيط مُسبق، ولخوفه على أبنائه وأسرته، قرر توزيعهم على منازل عدة، فأخرج والدته إلى منزل أقاربهم، فيما أرسل زوجته وابنه ذا العامين إلى منزل آخر، وابنه الأوسط (4 أعوام) إلى منزل أقارب آخرين له، بينما أرسل ابنه البكر إلى منزل رابع.