تدخل الحرب الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في غزة أسبوعها الرابع على التوالي، قتل خلالها حتى 31 أكتوبر/تشرين الأول أكثر من 8500 فلسطيني، ثلثاهم من الأطفال والنساء، وأخرجت خلالها 12 مستشفى عن العمل من أصل 35 مستشفى تعمل في غزة، بالتدمير الكلي أو الجزئي، ولا يزال المئات من الفلسطينيين تحت الأنقاض، بينهم أكثر من ألف طفل.
إن قتل العُزل من المدنيين سلوك إجرامي معروف لإسرائيل في حروبها مع الفلسطينيين؛ في عام 1948 دمرت إسرائيل 452 قرية فلسطينية وارتكبت 21 مذبحة لتهجيرهم من أرضهم. وفي عام 1982 وبعد حصارها بيروت وتمكنها من إخراج المقاتلين الفلسطينيين من لبنان، وفرت إسرائيل الغطاء للمتعاونين معها لارتكاب مذبحة صبرا وشاتيلا التي راح ضحيتها المئات من المدنيين الفلسطينيين. وفي الانتفاضة الفلسطينية الأولى بين 1987 و1993 قتلت إسرائيل أكثر من 1500 فلسطيني أعزل، وجرحت أكثر من 70 ألفا منهم، ثلثهم باستخدام الهراوات لكسر عظامهم. وفي حروبها على غزة بين 2008 وحتى المعركة الحالية، قتلت إسرائيل في ستة حروب أكثر من 4200 مدني فلسطيني، وجرحت عشرات الآلاف منهم، ودمرت الآلاف من الوحدات السكنية.
لكن ما يميز الحرب الحالية، ليس فقط أن عدد ضحاياها قد تجاوز ضعف حروب إسرائيل السابقة على غزة- والحرب كما يبدو في بدايتها حتى الآن- وليس حجم الدمار الذي أصاب غزة وعدد الأحياء التي تمت إزالتها تماما عن الوجود، وليس تهجيرها لنصف سكان غزة البالغ عددهم مليونين وثلاثمئة ألف إلى الجزء الجنوبي منها، وليس نوعية القنابل وقوة تدميرها فحسب، ولكن ما يميزها أكثر هو أنها جريمة متكاملة الأركان تحدث على الهواء مباشرة وبرعاية غربية.