قدّرت مبيعات الأسلحة لشاه إيران قبل الثورة بحوالي مليار و200 مليون دولار، وارتبطت إسرائيل بعلاقة سرية تجارية وعسكرية مع جنرالات سوهارتو في إندونيسيا، وحتى رومانيا تشاوتشيسكو الذي عرفت عنه آراء معادية للسامية، قال السفير الإسرائيلي في بوخارست في برقية عنه أنه "يرى إسرائيل بوصفها نقطة تجمع لليهود الأثرياء الذين يمكن الاستفادة من قدراتهم الاقتصادية وعلاقاتهم الدولية"، وقد صدرت إسرائيل رشاشات عوزي والعربات المدرعة إلى هاييتي تحت حكم بابا دوك وابنه بيبي دوك بين عامي 1957و1986 .
وكان لنيكاراغوا وعائلة ساموزا تاريخ طويل حيث استمرت إسرائيل بتسليح النظام حتى نهايته في 1979 ، ثم دربت ميليشيات الكونترا المضادة لثوار الساندست من خلال شركات عسكرية خاصة يقودها ضباط قوات خاصة متقاعدون من الجيش الإسرائيلي.
أمة الشركات الناشئة
وفي الفصل الثاني الذي جاء بعنوان "11 سبتمبر موسم مفيد للأعمال" قال نتنياهو على التلفاز الأميركي ليلة 11سبتمبر "هذا أمر جيد، لا أقصد أمرا جيدا بالطبع، ولكنه سوف يولد تعاطفا فوريا.. وسوف يمتّن الروابط بين شعبينا، لأننا عانينا من الإرهاب لعقود طويلة" ثم يؤكد الرسالة نفسها بعد سبعة أعوام في خطاب في إحدى الجامعات "لقد استفدنا من شيء واحد بعينه، وهو الهجمات على برجي التجارة والبنتاغون والصراع الأميركي في العراق، فقد رجحت هذه الأحداث الرأي العام الأميركي لصالحنا".
تنتج إسرائيل المنتجات الحربية التي يتعطش إليها العالم، وتحقق المليارات من هذه الصناعة وترسل رسالة واضحة للعالم تقول، كما لخصتها نعومي كلين في كتاب "عقيدة الصدمة": ""إننا نخوض حربا على الإرهاب منذ ولدنا. وسوف نعلمكم كيف تقومون بهذه المهمة".
في كتابه "أمة الشركات الناشئة: حكاية معجزة إسرائيل الاقتصادية" يؤكد دان سينور على أن جيش الدفاع الإسرائيلي والحكومة شكلا نموذجا يقتدى للعالم من خلال تمويلهما ودعمهما لشركات التكنولوجيا الناشئة. وتتطلب إيديولوجيا أمة الشركات الناشئة التسويق المستمر للمنتجات بسبب المنافسة الداخلية والعالمية الشرسة، لذلك تسوق هذه الشركات من خلال حملات إعلانية ضخمة لإقناع الشباب بالانضمام لقطاع الدفاع ولهذه الشركات الناشئة المرتبطة به.
وقد أتت مقامرة إسرائيل بعد أكثر من عقدين من أحداث 11 سبتمبر 2001 أُكُلَها، فقد ازداد الاهتمام العالمي بقطاعي الدفاع والمراقبة وقد أنفقت إسرائيل في عام 2020 حوالي 22 مليار دولار أميركي على جيشها وكانت ثاني عشر أكبر مورد عسكري في العالم، إذ تجاوزت مبيعاتها 345 مليون دولار أميركي.
منع السلام
في الفصل الثالث "منع اندلاع السلام" يقول لوينشتاين "إن قتل أو إصابة الفلسطينيين ينبغي أن يكون سهلا مثل طلب البيتزا" ويقتبس ليدلل على هذا المنطق عند الجيش الإسرائيلي إجابة كولونيل مسؤول عن تطبيق صممه الجيش يسمح للقوات بإرسال تفاصيل دقيقة عن أي هدف يراد تحييده في الميدان للجنود قائلا لموقع إلكتروني عسكري إن الأمر سيكون "أشبه بطلب كتاب على أمازون أو طلب بيتزا في مطعم بيتزا باستخدام هاتفك الذكي".
نَحَتَ الباحث الإسرائيلي وأستاذ علم الاجتماع الراحل باروخ كيمرلينغ مصطلح القتل السياسي في عام 2003، وشرحه بأنه عملية تهدف إلى حل وجود الشعب الفلسطيني ككيان اجتماعي وسياسي واقتصادي شرعي، وربما تشمل هذه العملية التطهير العرقي الجزئي لهذا الشعب أو ربما التطهير الكامل من الأراضي التي تعرف باسم أرض إسرائيل.
لم تبد إسرائيل أي مخاوف من مغبة سلوكياتها العدائية من قبل المحكمة الجنائية الدولية أو التعرض لأي عقوبات كانت. وفي نقاش على الإذاعة الإسرائيلية قال أحد رؤساء الأركان السابقين مبررا سياسة استخدام القناصين ضد الشعب الفلسطيني، وحتى ضد الأطفال إذ تحتاج الدول لمثل هذه السياسة: "إذا اقترب طفل أو أي شخص آخر من السياج لدسّ عبوة ناسفة أو التحقق من وجود مناطق لا ترصدها الكاميرات أو لقطع السياج ليسمح للآخرين بالتسلل إلى أراضي دولة إسرائيل لقتلنا.." فسأله المذيع: "العقوبة هي الموت إذن" فرد الجنرال: الموت.. نعم.. هل تريد أن تناقشني إذا ما كان دمنا أغلى أم دمهم".
بيع الاحتلال للعالم
أصبحت إسرائيل، كما يرى لوينشتاين في الفصل الرابع الذي عنونه "بيع فكرة الاحتلال الإسرائيلي للعالم" لاعبا رئيسيا في سياسة الاتحاد الأوروبي لعسكرة حدوده ومحاولة ردع الوافدين الجدد، وهي السياسة التي انتعشت بعد التدفق الهائل للمهاجرين في عام 2015.
وقد أعلن الاتحاد الأوروبي في عام 2020 عن شراكات بقيمة 91 مليون دولار أميركي مع إيرباص، وصناعات الفضاء الإسرائيلية وغيرها لاستخدام خدماتها للحفاظ على وجود مستمر للطائرات من دون طيار فوق البحر الأبيض المتوسط لمراقبة المهاجرين.
يرى لوينشتاين أنه الحفاظ على ازدهار هذا المختبر العسكري الهائل في فلسطين، يتطلب أن يحظى بإيمان عدد كاف من الدول في العالم بفرضيته الأساسية، وقد كانت ألمانيا هي الجائزة الكبرى. فإسرائيل ساعدت في إعادة تأهيل صورة ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، ومنحت ألمانيا الشرعية للاحتلال. تكفّر المانيا عن عقدة ذنبها التاريخية بشراء كميات كبيرة من معدّات الدفاع الإسرائيلية.
النموذج العالمي
في الفصل الخامس بعنوان "الدعوة الدائمة للهيمنة الإسرائيلية" يتحدث لوينشتاين عن أن جني الأموال وتبادل المصالح بين إسرائيل والعالم لا يتعلق بالمنافع المادية وحسب، بل بالتقارب الإيديولوجي المتعلق بكيفية التعامل مع السكان الغير مرغوب فيهم في مختلف أنحاء العالم.
المباني السكنية المدمرة جراء الغارات الإسرائيلية في غزة،21 أكتوبر، 2023.
يعرج لوينشتاين على تأثر حكومة مودي في الهند بهذا النموذج في تعاملها مع كشمير، حيث لا تخفي هذه الحكومة إعجابها بالاحتلال الإسرائيلي، فقال القنصل العالم للهند في نيويورك في نوفمبر/ تشرين الثاني 2019، إن أمامنا نموذج ناجح في الشرق الأوسط فلماذا لا نتبعه". وقد اتبعت هذه الحكومة النموذج نفسه أيضا في تهديمها لمنازل المسلمين بالجرافات في عام2022في ولاية أوتار براديش في صور تعيد إلى الذهن على الفور الجرافات الإسرائيلية في القدس الشرقية والضفة الغربية.
من هاتفك أعرفك
وعنون لوينشتاين الفصل السادس بـ "تقنيات المراقبة الجماعية الإسرائيلية هناك في دماغ هاتفك" حيث مكنت تكنولوجيا المراقبة اليوم أي بلد كان من تجنب قتل المتظاهرين وتآكل صورته لدى الرأي العالم العالمي ويقتبس عن محامي حقوق الإنسان الإسرائيلي إيتاي ماك أنك أصبحت قادرا اليوم على "تحديد وإيقاف نيلسون مانديلا القادم قبل أن يدرك حتى أنه نيسلون مانديلا".