لم يتوقف نقد الإسرائيليين لحكومتهم، ولدولتهم، في زمن الحرب، بل استمر خلالها، ووصل إلى حد مطالبة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وحكومته بالاستقالة، وتحميلهم مسؤولية كل ما حصل، ليس فقط بسبب الخلل الأمني الكارثي، الذي أدى إلى انكسار هيبة الجيش، نتيجة العملية التي شنّتها حركة "حماس"، في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، وإنما بسبب طريقة التعامل مع الفلسطينيين، وطابع الدولة الإسرائيلية، أيضا.
ومعلوم أن إسرائيل كانت عايشت، قبل الحرب، نوعا من التصدّع العمودي والعميق والقديم، بين تياراتها السياسية، بين العلمانيين والمتدينين، وبين دعاة ديمقراطية الدولة ودعاة يهودية الدولة، أكثر من أي فترة سابقة من تاريخها، منذ إقامتها قبل 75 عاما (1948)، إلى حد أن البعض بات يتحدث عن انشقاق في المجتمع الإسرائيلي، وعما يقارب حربا أهلية، بين إسرائيل الأولى (العلمانية الليبرالية الإشكنازية) وإسرائيل الثانية (المتدينة الاستبدادية والاستيطانية المتطرفة).
ورغم أن تلك الحرب، في أحد ارتداداتها العكسية، أعادت وحدة اليهود الإسرائيليين حول ما يعرف بالخطر الوجودي، الآتي من الخارج، وضمنه من الفلسطينيين، وهو العنصر الأساسي في تكون الهوية الإسرائيلية، وتقوية الاجماع الإسرائيلي، إلا أن ذلك ترافق، أيضا، مع استمرار عملية النقد، وإن تغيرت بعض مضامينها في ظروف الحرب.