في 29 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن بيان مشترك صادر من ميسري منبر جدة التفاوضي عن معاودة المحادثات بين القوات المسلحة السودانية و "قوات الدعم السريع". ويتألف الميسرون من المملكة العربية السعودية، والولايات المتحدة، بالإضافة إلى الهيئة الحكومية للتنمية (الإيقاد) والاتحاد الأفريقي. وكان الاثنان الأخيران قد انضما إلى هيئة الميسرين لمنبر جدة في سعي لتوسيع قاعدة المشاركة الإقليمية في رعاية المنبر.
وقد تزامن إعلان معاودة التفاوض، مع هجوم شرس استمر لأربعة أيام شنته "قوات الدعم السريع" على مدينة نيالا- عاصمة ولاية جنوب دارفور، وانتهى باستيلائها على المدينة وانسحاب الفرقة 16 من الجيش السوداني التي كانت تتمركز هناك. وبالرغم من دعوة المسؤول في "الدعم السريع"، عبد الرحيم دقلو، المواطنين المدنيين لمواصلة حياتهم بشكل طبيعي، وإعلان تعيين قائد جديد لقوات الشرطة، والشروع في تكوين حكومة مدنية لإدارة الولاية، إلا أن الأخبار الواردة من المدينة تحدثت عن الاعتداءات الوحشية التي قامت بها "قوات الدعم السريع" على السوق المركزي في نيالا وقيام "قوات الدعم السريع" بنهبه وتدميره بشكل واسع. بالإضافة إلى الاعتداء على الأطباء والكوادر الصحية واحتلال المستشفى الإيطالي العامل في المدينة. وانتشرت في الوسائط الاجتماعية تسجيلات فيديو يعكس تعامل "الدعم السريع" مع العاملين في المستشفى.
كما قامت "قوات الدعم السريع" بالهجوم على منازل وأحياء المدنيين عشوائيا بهدف تهجيرهم وطردهم من المدينة، وهو ما نتج عنه مقتل وإصابة أعداد كبيرة من المدنيين، بينما يرفع أفراد "قوات الدعم السريع" شعار "ما دايرين زرقة"، وهي الكلمة المستخدمة للإشارة إلى القبائل غير العربية في دارفور.
ثالث المدن
نيالا هي ثالث أكبر مدن السودان، وهي عاصمة ولاية جنوب دارفور التي تشترك حدودها الغربية مع جمهورية أفريقيا الوسطى التي يحكمها نظام داعم بلا خفاء "الدعم السريع"، جراء ارتباط الاثنين بعلاقات وثيقة مع مرتزقة "فاغنر". بل إن هذه "القوات" أقدمت وبشكل منفرد على إغلاق الحدود مع أفريقيا الوسطى في مطلع هذا العام لحماية النظام هناك من الانقلاب عليه، وهو ما أثار وقتها توترات مع الجيش، كما سهلت "الدعم السريع"- أكثر من مرة- انتقال عناصر ومعدات حربية تابعة لـ"فاغنر" من ليبيا إلى أفريقيا الوسطى عدة مرات خلال العامين الماضيين. كما تضم الولاية منطقة أم دافوق والتي أنشأت فيها "فاغنر" قاعدة عسكرية لتدريب مقاتليها ودعم عملياتها في الإقليم عام 2022 وهي المنطقة التي استمرت تحت سيطرة "الدعم السريع" منذ اندلاع الحرب.