غزة: عشرون يوما مضت على الحرب في غزة، والتي تتواصل بفمها المفتوح، المتسع يوما بعد يوم، لابتلاع المزيد من الضحايا من المدنيين العزّل الذين لا حول لهم ولا قوة. استمرار القتل الجماعي للمدنيين، بهذه الوتيرة الجنونية، وفي حين يطرح الأسئلة حول أخلاق الحرب، والسياسيين الذين يتخذون قرارات الحرب، وقادتها، فإنه يطرح أسئلة كبرى أيضا حول النفسية التي يمضي من خلالها الجنود لقتل المدنيين، وأسئلة أخرى أكبر حول مصير الإنسانية في العصر الحديث، بعدما تغنّت الدول الغربية بالحضارة، والتقدّم التكنولوجي، لكن هذا التقدّم يصبح غثاء بلا قيمة، حينما يتعلّق الأمر بإسرائيل، تلك الدولة الاحتلالية التي تضرب القوانين الدولية والإنسانية بعرض الحائط، وترتكب جرائم فتاكة ضدّ الإنسان الفلسطيني، متجاهلة كافة الضوابط والأخلاقيات التي ينادي بها الإنسان في المجتمع الحداثي.
لا بدّ من الغوص في نفسيات أولئك القادة المتعطشين للمزيد من القتل، ونفسيات الجنود مسقطي الصواريخ على رؤوس الأطفال، إن أردنا الحفاظ على معنى ما للإنسانية في المستقبل. أتذكّر ههنا كلام الكاتب الروسي ليو تولستوي: "ظلت الحرب تثير اهتمامي دائما: لا بمعنى المناورات التي يبتكرها الجنرالات الكبار فمخيلتي تعاف متابعة مثل هذه التحرّكات الواسعة، لم أكن لأفهمها، لكن ما يثير اهتمامي هو حقيقة الحرب، القتل الفعلي الذي يرتكبه الجنود".